-
الطاهر المعز-من أسطول الحرية إلى قافلة الصمود

من أسطول الحرية إلى قافلة الصمود : الطاهر المعز
شنت وسائل الإعلام الصهيونية ( في فلسطين المحتلة وخارجها) والإمبريالية والمملوكة لعرب أمريكا (عرب النّفط أو صهاينة العرب) حملة تشويه، طيلة الأيام التي سبقت انطلاق سفينة « مادلين » وتكثفت هذه الحملة منذ خروج السفينة من جزيرة صقلية بإيطاليا باتجاه سواحل فلسطين، واستهدفت الحملة المتطوعين أعضاء أسطول الحرية ووصفوهم بـ « المعادين للسامية » ووصفوا رحلتهم التضامنية بأنها رحلة سياحية، قبل أن يعترض الجيش الصهيوني سفينة « مادلين » التابعة لأسطول الحرية، يوم التاسع من حزيران/يونيو 2025 في المياه الدولية، على بُعد حوالي 170 كيلومترًا من ساحل غزة، ويختطف جميع أفراد الطاقم ( 12 شخصا) وتم احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي، فضلا عن مُصادرة جميع المساعدات التي تحملها السفينة، وبدأ ترحيل أربعة من أفراد الطاقم الذين وافقوا على الترحيل اعتبارًا من العاشر من حزيران/يونيو 2025، ومن بينهم غريتا ثونبرغ، فيما رَفَضَ الثمانية الآخرون شروط الترحيل ( ومن بينهم نائبة البرلمان الأوروبي ريما حَسن الفلسطينية/الفرنسية) فتم احتجازهم في الحبس الإنفرادي حتى يوم الخميس 12 حزيران/يونيو 2025…
أما في مصر فإن النّظام تعلّل بالسيادة ( التي فَرّط بها في سيناء للصهاينة وفي جزيرتَيْ تيران وصنافير للسعودية وفي ساحل البحر الأبيض المتوسط للإمارات…) ليوقف قافلة الصمود ( المغاربية) قبل وصولها حدود ليبيا مع مصر، بواسطة مليشيات خليفة حفتر، ليمُمْعِن النظام المصري في في الخيانة، إلى درجة مَنْع هذا الشّكل الشعبي والسِّلْمي من التضامن مع الشعب الفلسطيني، وليتكامل دَوْره مع الكيان الصهيوني الذي مارس القَرْصَنَة في المياه الدّولية ضدّ « أُسْطُول الحُرّيّة »…
من تونس إلى رفح
تزامنت رحلة سفينة « مادلين » ضمن أسطول الحرية، مع المبادرة الدولية لإطلاق المسيرة العالمية إلى غزة، في إطار مجموعة من التظاهرات الشعبية الإقليمية ( في المغرب العربي وأوروبا الغربية ) ومنذ منتصف أيار/مايو بدأت النقابات العمالية والطلابية ومجموعات شبابية في تونس تُنسِّق مع مجموعات أخرى وخصوصا في الجزائر لتنظيم القافلة البَرِّيّة من تونس إلى رفح، مرورًا بليبيا ومصر، وانطلقت القافلة تحت إسم « المسيرة العالمية إلى غزة »، من تونس يوم التاسع من حزيران/يونيو 2025، بمشاركة ما لا يقل عن أَلْفَيْ تونسي ( فضلا عن الجزائريين والمغاربة والموريتانيين الذي انضموا إلى القافلة منذ انطلاقها) على السيارات والحافلات التي تحمل نقابيين وأطباء وطلابًا وصحفيين ومناضلين ومناضلات من الشباب والكهول، ومساعدات إنسانية رمزية، وتمثل بالأخص رسالة سياسية ضدّ الحصار وضدّ التطبيع، وتمكنت القافلة من الإنطلاق في ظروف طيبة نسبيا، خصوصًا وإن السلطات الحاكمة تحاول خفض حدّة الحملة التي تشنها منظمات دولية ومحلية ضدّ السّلطة بسبب الإعتقالات والمحاكمات التي يتعرض لها بعض أصناف المعارضين، وفي مقدّمتهم الإخوان المسلمون ( النّهضة التي حكمت البلاد من 2012 إلى 2021 ) ولتحويل الأنظار عن ارتفاع الأسعار وسوء ظروف الحياة وارتفاع حجم البطالة والفقر، وقامت اللجنة التونسية المُنظّمَة بإنشاء لجان للتنسيق مع الأطراف المحلية والدّولية، من المغرب العربي وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا، وحظيت القافلة بترحيب شعبي كبير في كافة المناطق التي عبرتها في تونس وليبيا.
يتضمن البرنامج التقاء قافلة الصّمود المغاربية والمسيرة العالمية ( بمشاركة مُتطوعين من أكثر من خمسين دولة) عند معبر رفح يوم الخامس عشر من حزيران/يونيو 2025 وأعْلَنَ المشاركون التونسيون في « قافلة الصُّمُود » – تنظيم أنشطة ثقافية وتَوْعَوِيَّة وحلقات نقاش وعروض فنية وحملات إعلامية لتوسيع الدعم الشعبي الدولي، لتنشيط مخيم الإحتجاج الدّولي المفتوح على الحدود بين مصر (شبه جزيرة سيناء) وفلسطين المحتلة، تنديدًا بظروف الشعب الفلسطيني في ظل العدوان والإبادة والمجاعة والقصف المستمر، وفي محاولة لكسْر الحصار والمُطالبة بفتح معبر رفح والسماح بدخول أكثر من 3000 شاحنة مساعدات محملة بالغذاء والدواء والوقود، بدل تفويض شركة أمريكية خاصة لإدارة المُساعدات التي تمّت عَسْكَرَتُهَا واستخدامها كسلاح، ولم يتم توزيعها حتى تحرير هذه الورقة يوم 13/06/2025، وللتنديد بالتواطؤ الدّولي وللمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن جرائم الإبادة والحصار…
التّضامن والدّعم في مواجهة العدوان والتّواطؤ
اتّصل المُنَظِّمُون بالبعثات الدّبلوماسية والسفارات المصرية لضمان مرور آمن لهذه المَسيرة السِّلْمية، قبل ثلاثة أسابيع من انطلاق القافلة، ولم يتلقوا أي ردّ على استفساراتهم، ومع ذلك تعلّلت السلطات المصرية ومليشيات سلطات شرق ليبيا ( بزعامة خائن وطنه وجيش بلاده، عميل الإستخبارات الأمريكية، خليفة حفتر ) يوم الثاني عشر من حزيران/يونيو 2025، ب »ضرورة احترام الإجراءات » لإيقاف سير القافلة عند مدخل مدينة سرت، شرقي طرابلس وأعلنت لجنة تنسيق « قافلة الصّمود » إن قيادات هذه المليشيات برّرت ممارساتها « بضرورة انتظار الحصول على تعليمات بالموافقة من بنغازي من أجل المرور، بعد استشارة السلطات المصرية »، قبل انقطاع شبكات الهاتف في مكان توقف القافلة التي تضم عشرات الحافلات ومئات السيارات وأكثر من أَلْفَيْ شخص انطلقوا من بلدان المغرب العربي، قبل أن يلتحق بهم عدد غير معروف من اللِّيبيين وكانت وزارة الخارجية المصرية قد أصْدَرَتْ بيانًا يوم الحادي عشر من حزيران/يونيو 2025 « للتذكير بالضوابط التنظيمية الخاصة بزيارة المنطقة الحدودية المحاذية لقطاع غزة، وضرورة وأهمية احترام هذه الضوابط والتنسيق الكامل مع الجهات المختصة لضمان سلامة المشاركين ونجاح أهداف القافلة »، وذلك بالتوازي مع اعتقال السلطات المصرية لأكثر من مائة من المُشاركين من مختلف دول العالم الذين ذهبوا مباشرة إلى القاهرة، واحتجزت السلطات المصرية ( أول نظام عربي يُطبّع علاقاته مع الكيان الصهيوني ويتنازل عن سيادته على شبه جزيرة سيناء) عددًا من المحامين والمناضلين الجزائريين وحوالي ثلاثين من المناضلين العرب في مطار القاهرة على الساعة الخامسة صباحا من يوم الإربعاء 11 حزيران/يونيو 2025، وجرى سحب هواتف ووثائق المحتجزين، بشكل تعسّفي دون إعلان أي مبرر قانوني واضح، ثم أعلنت السلطات المصرية يوم الثاني عشر من حزيران/يونيو 2025، إنها لن تسمح « بأي حال بدخول هذا العدد الكبير الذي وصل إلى آلاف المشاركين، لكن قد تسمح بدخول مجموعة قليلة جدّاً منتقاة، وبعد تحقيق الاشتراطات من أجل السماح لهم بتوصيل الرسالة المتمثلة في رفض حصار وتجويع الفلسطينيين، ورفض ا والانتهاكات الإسرائيلية السافرة والممنهجة بحقّ الشعب الفلسطيني بقطاع غزة »، وصرّح الناطق الرسمي باسم «قافلة الصمود» المغاربية، « إن البيان المصري تحدّث بشكل عام ولم يخص (قافلة الصمود)، وقد سَعَيْنَا لتحقيق الاشتراطات التي تضمنها، فقد راسلنا وزارة الخارجية المصرية والتقينا السفير المصري في تونس قبل انطلاق القافلة وسلّمناه قائمة بأسماء وأرقام جوازات سفر المشاركين وخلفياتهم، من أجل إصدار الموافقات اللازمة لدخولهم مصر، لأننا لا نهدف أبداً إلى خرق القوانين أو اقتحام الحدود »…
تندرج قافلة الصّمود المغاربية ضمن جهود دولية وعربية من بينها « أسطول الحرية » لمواجهة الحصار الصهيوني في ظل دعم القوى الإمبريالية لإبادة الشعب الفلسطيني، وفي ظل صمت، بل تواطؤ الأنظمة العربية وفي مقدّمتها أنظمة مصر والأردن والإمارات والمغرب وغيرها، وتُعبِّر رسالة القافلة عن رفض شعوب المغرب العربي والإئتلاف الدّولي لما يحصل في غزة وإدانة الأنظمة العربية، وخصوصًا أنظمة التّطبيع (العلني والمُتَسَتِّر) التي تخون الشعب الفلسطيني وتخون شعوبها…
أسطول الحرية
تتكامل ممارسات النظام المصري ( حظْر دخول قافلة الصّمو) مع ممارسات الكيان الصهيوني ( قرصنة سفية « مادلين » من أسطول الحرية) في قَمْع كافة أشكال المقاومة والتّضامن مع الشعب الفلسطيني، ونسف أي محاولة لبناء جبهة تضامن دولية. أما على المستوى الشّعبي فإن استقبال القافلة كان رائعًا واستثنائيا في تونس وفي ليبيا، فضلا عن التحاق مواطنين بالقافلة في البَلَدَيْن، وشكل الجميع تحالفًا تِلقائيًّا وشعبيًّا لآلاف الموريتانيين والصّحراويين والمغاربة والجزائريين والتونسيين والليبيين، وكانت القضية الفلسطينية مِحْوَرَ هذا الإئتلاف الذي أثار خوف النّظام الرّسمي الذي مَنَع دخول القافلة واعتقل بمطار القاهرة أكثر من مائة من المتضامنين مع الشعب الفلسطيني، من دول عديدة ( من مختلف القارّات ) كانوا يعتزمون الانضمام إلى قافلة الصّمود، ولم يكتَفِ النظام المصري بالخيانة والتّواطؤ بل أطلق العنان لمخابراته وعملائه ليُظْهِرُوا براعتهم في ترويج الأكاذيب، وفي كيل الشتائم الرخيصة للمُشاركين في القافلة، على صفحات المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل، فيما يُواصل الكيان الصهيوني عمليات الإبادة والحصار والتّجويع، في صمت مطبق من الحكومات الغربية والعربية ووسائل الإعلام « الغربية » والعربية التي تستضيف « خُبراء » من الجيش الصهيوني ليهاجموا ويُشَوِّهوا المنظمات الفلسطينية، ولِيُبرِّرُوا الهجوم على أسطول الحرية، الذي تم الاستيلاء عليه صباح الاثنين 09 حزيران 2025 في المياه الدولية، وللتذكير فإن مبادرة « أسطول الحرية » قائمة منذ 15 عامًا بهدف كَسْر الحصار على غزة، وقوبلت الرحلة الأولى بِقَتْلِ الجيش الصهيوني سبعة مُشاركين في الرحلة، وجابه جيش الإحتلال كافة المحاولات بالعنف غير المتناسب مع مناضلين سلْمِيِّين، ودَمّرت طائرات صهيونية مُسيّرة في بداية شهر أيار/مايو 2025، قاربًا كان في المياه الإقليمية لجزيرة مالطا مُتّجهًا نحو فلسطين وألحق القصف أضرارًا بالغة بالقارب، في ظل صمت إعلامي رهيب ومتواطئ.
من أسطول الحرية إلى قافلة الصّمود
هل من « المصادفة » أن تمنع السلطات الرسمية المصرية مناضلي قافلة الصّمود من الإتجاه نحو شبه جزيرة سيناء ورفح خلال يوم ترحيل المشاركين في « أُسطول الحرية » بعد الحبس الإنفرادي طيلة 72 ساعة أم إن هذا التّزامن يُشكّل دليلاً على وجود النّظام المصري ( وغيره من أنظمة عربية) في نفس الخندق، خندق الأعداء، فقد كانت سفينة « مادلين »، التي كان المناضلون يبحرون على متنها، جزءًا من تحالف أسطول الحرية، وقد غادرت من جنوب إيطاليا باتجاه غزة يوم الأول من حزيران/يونيو 2025، محملة بمساعدات إنسانية و12 مدافعًا دوليًا عن حقوق الإنسان ( من فرنسا وهولندا وتركيا والسويد والبرازيل وألمانيا… ) في محاولة لكسر الحصار الصهيوني على سُكّان القطاع، وهاجمت قوات الاحتلال الصهيوني السفينة في المياه الدّولية على بُعد 170 كيلومترا من سواحل فلسطين، واختطفت المشاركين وعددهم إثنا عشر شخصا فجر التاسع من حزيران/يونيو 2025، وخضع جميعهم للإحتجاز والتّرحيل غير القانونِيّيْن، فقد تم اختطافهم في المياه الدولية قبل اقتيادهم إلى فلسطين المحتلة، وتعرّض ثمانية ممن رفضوا توقيع وثائق « الموافقة على التّرحيل » للتهديد بالعنف من قبل ضباط صهاينة، وتم حرمانهم من النّوم والإغتسال في سجن « جفعون » بمدينة الرملة، ثم في سجون أخرى متفرقة، وتم وضعهم في الحبس الإنفرادي في زنزانات صغيرة وَسِخة، بلا نوافذ حتى تاريخ ترحيلهم يوم الثاني عشر من حزيران/يونيو 2025…
تم ترحيل نائبة البرلمان الأوروبي ريما حسن، يوم الخميس 12 حزيران/يونيو 2025، بملابس السجن على متن طائرة الشركة الصهيونية « العال » حيث وشَى بها قائد الطّائرة للركات الذين اعتدوا عليها بعد إعلان قائد الطائرة وجوب الحَذَر بسبب وجود « مُعادين للسّامية » و »إرهابيين » بين الركّاب، وجميعهم صهاينة، وحدثت الإعتداءات الجسدية واللفظية أمام أنظار طاقم الطّائرة، بل بتحريض منه، واضطرت ريما إلى الإحتماء بمرحاض الطّائرة طيلة الرحلة، وحقّقت معها الشرطة الفرنسية حال وصولها مطار باريس، ووصلت حوالي الساعة الحادية عشر ليلاً إلى ساحة الجمهورية بباريس حيث حظيت باستقبال رائع من قِبَل الآلاف من المتضامنين، ورغم الإرهاق البدني والنّفْسي، ألْقَتْ كلمة مُقتضبة مُعبِّرة عن التّحدّي الفلسطيني للجلاّد الصّهيوني ومن يدعمه ومن يتواطأ معه وذكّرت الحاضرين بمعاناة أكثر من عشرة آلاف أسير فلسطيني في السجون الفلسطينية، وأكدت نائبة البرلمان الأوروبي « إن السفينة المقبلة جاهزة للإبحار مجددا نحو غزة »، في رسالة تَحَدّ واضحة لاستمرار جهود فك الحصار ودعم القضية الفلسطينية، وكانت جرْأتها ( وربما أُصُولُها الفلسطينية) محل هجوم وشتائم في معظم وسائل إعلام القطاعَيْن العام والخاص في فرنسا…
الإعلام الإنتقائي – نموذج « غريتا ثونبرغ »
تعرّضت سفينة مساعدات إنسانية للقصف لما كانت تحاول توصيل بعض المُساعدات الرّمزية إلى فلسطينِيِّي غزّة المُحاصَرين وتمت مهاجمتها يوم الثاني من أيار/مايو 2025 بطائرة آلية (بدون طيار)، قُرب المياه الإقليمية لجزيرة مالطا، وأطلق الجيش الصهيوني صواريخ على السفينة، وتجاهلت الصحافة الغربية الحادثة، قبل أن تُبْحِرَ السفينة « مادلين » من ميناء في جزيرة صقلية نحو ميناء غزة يوم الثاني من حزيران/يونيو 2025 وعلى متنها 12 شخصًا، من بينهم غريتا ثونبرغ والممثل ليام كانينغهام وعضو البرلمان الأوروبي ريما حسن ( من أصل فلسطيني) والمحامية هُوَيْدا عراف، يحملون معهم بعض الطعام والإسعافات الأولية والمياه النظيفة (الدقيق والأرز وغيرها من المواد الغذائية الأساسية، بالإضافة إلى حليب الأطفال ومنتجات النظافة النسائية والإمدادات الطبية والعكازات والأطراف الاصطناعية للأطفال ومجموعات تحلية المياه )، في محاولة لكسر الحصار المفروض منذ سنة 2007، وتم تشديده منذ تشرين الأول/اكتوبر 2023، وكانت الرحلة والمُساعدات رَمْزِيّة، لكن جيش الكيان الصهيوني اعترض السفينة يوم الثامن من حزيران/يونيو 2025، في المياه الدّولية، مما يُعتَبَرُ خرقًا للقوانين الدّولية، لكن من يُحاسب الكيان الصهيوني الذي تدعمه كافة القوى الإمبريالية عسكريا وسياسيا وإعلاميا؟
احتجز الجيش الصهيوني السّفينة وجميع من كان على متنها وتم ترحيل أربعة وبقي ثمانية رهن الإعتقال، وعلمت وسائل الإعلام بنبأ الإحتجاز ( في المياه الدّولية) والإعتقال والتّرحيل، كما علمت وسائل الإعلام بالقصف اليومي وإبادة الشعب الفلسطيني، لكن معظمها التزم بموقف الحكومات الأوروبية والأمريكية الدّاعمة للكيان الصهيوني، وهو موقف سياسي وإيديولوجي لا يهتم بالموضوعية ولا بالبحث عن الحقيقة ويُضْفِي الشرعية على عُنْفَ الأقوياء المُهيْمِنِين فيما يعتبر مُقاومة الضُّعفاء والمُضْطَهَدِين والواقعين تحت الإحتلال « إرهابا » تماشيا مع المعايير الأخلاقية المزدوجة للسياسة العالمية التي تعتبر تصرفات الدول الإمبريالية التي تستخدم القوة الناعمة والصلبة أو الحظر أو الحصار العسكري قانونية، بينما تُوصف الجهات المُقاوِمة والأصغر حجمًا بالإرهاب، لأن من يمتلك السلطة يرتكب أعمال العنف ويُبرّرها بالدّفاع عن النّفس أو بالدفاع عن السيادة والمعايير الدولية.
تَحَدّت « رحلات الحُرّيّة » قوانين الفصل العُنْصُرِي سنة 1961، أثناء حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، من خلال ركوب الحافلات من الولايات الشمالية إلى الولايات الجنوبية دون فصل أو ميز بين البيض والسود، وبالتالي مواجهة القوانين الظالمة التي تدعمها سلطة الدولة، وهو نفس المبدأ الذي حاولت أساطيل الحرية والرحلات المماثلة تطبيقه لمساعدة الشعب الفلسطيني ( إنسانيا وليس سياسيا )، وحاول بعض المتضامنين مع الشعب الفلسطيني، سنة 2010 ثم سنة 2011، كسْرَ الحصار المفروض على فلسطينيي غزة والضّفّة الغربية والتنديد بنظام الميز العنصري الصهيوني ( وهو أحد جوانب الإستعمار الإستيطاني الصهيوني) واعتبر مجمل المتضامنين إن عملهم يندرج ضمن العصيان المدني السِّلْمِي للتنديد بالقَمْع السّياسي.
برّرت قناة سكاي نيوز البريطانية والعديد من وسائل الإعلام « الغربي » العدوان حتى قبل وقوعه، وتقديم السفينة وركابها كمُستفزّين وجب اعتقالهم واحتجازهم بذريعة « مُعاداة السّامية والإرتباط بحماس ودعمها »، ويعني ذلك – إن كانت هذه الإدّعاءات صحيحة » – إن دعم الكيان الصهيوني شرعي ودعم حركة حماس أو المقاومة الفلسطينية بشكل عام، يُعتَبَرُ استفزازًا ومعادة للسامية وإرهابًا وما إلى ذلك
غَيّرت وسائل الإعلام طريقة الحديث عن « غريتا ثونبرغ » نشرت صورة تحمل فيها لافتة كُتب عليها « تضامنًا مع غزة »، خلال شهر تشرين الأول/اكتوبر 2023، ووجّهت لها تهمة « مُعاداة السّامية »، لتشويه سمعتها ثم أُعيدَ توجيه نفس التّهمة لتبرير الإعتداء على رُكّاب السفينة التي كانت على متنها، لأن كل شخص يتجرّأ على نقد الكيان الصهيوني ( أو حتى بعض الممارسات ) يُوصم بمعاداة السامية أو بدَعْم الإرهاب وغيرها من التهم الجاهزة التي يتم استخدامها لإسكات الأصوات المناهضة للإحتلال، ليصبح التعاطف مع الشعب المُحاصَر تهمة تُبرّر الإعتقال والعقاب والسجن وحتى القتل، ويُعدّ الخطاب الإعلامي ( الدّعائي) تبريرًا إستباقيًا لأي جريمة يرتكبها الكيان الصّهيوني، من قصف ومداهمات وإبادة وتجويع وتدمير… إن كل شخص يجرؤ على إنتقاد جرائم إسرائيل في الغرب يُوصم عاجلًا أو آجلًا إما بمعاداة السامية أو بالتعاطف مع حماس…
كيف تحولت غريتا ثونبرغ من « نجمة » أو « رمز » الدّفاع عن سلامة البيئة إلى « مُشاغبة تستحق الإغتيال »
تم اتهام غريتا ثونبرغ بالتّطرّف لما بدأت تربط مشاكل تلوث البيئة بطبيعة الرّأسمالية، وتم اتهامها بمعاداة السّامية أو الإرهاب لمّا بدأت تُعارض احتلال الكيان الصهيوني لجزء من فلسطين ( الأراضي المحتلة سنة 1967)، وقد تُتّهَم بالإرهاب إذا ما توصّلت إلى اعتبار الكيان الصهيوني ( وليس حكومة نتن ياهو فقط) غير شرعي، ولما اعترضت الحكومة الصهيونية السفينة وأعلنت المهمة الإنسانية « غير قانونية » بل « نوعًا من الاستفزاز » وتم اتهام غريتا ثونبرغ باستغلال الأحداث للسياحة وليس للتضامن مع الشعب الفلسطيني وتقديم المساعدات، ردّدت وسائل الإعلام السّائد الدّعاية الصّهيونية…
قاطعت وسائل الإعلام غريتا ثونبرغ لما بدأت تُصرّح إن العدالة المناخية وحقوق الإنسان شيء واحد، وإن « الشرعية » لا تعني العدالة، وإن العدالة، سواء أكانت بيئية أم إنسانية أم جيوسياسية، تتطلب تفكيرًا عالميًا وعملًا مباشرًا من أجل التنمية المُتكافِئة، وهي أفكار تُقاومها السّلطات الحاكمة باستخدام القوانين السائدة وباستخدام العُنف بذريعة « الحفاظ على النّظام »، هذه القوانين وهذا النّظام الذي سمح بحصار الشعب الفلسطيني وإبادته وتجويعه، وتدمير مدارسه ومعابده ومستشفياته محلات سكنه وتجريف أراضيه لتصبح عقيمة، ويحدث ذلك بتشجيع من دول الإتحاد الأوروبي، خصوصًا ألمانيا وفرنسا ومن أمريكا الشمالية وجميع أعضاء حلف شمال الأطلسي، وصَمْت روسيا والصّين، وبتوطؤ من الأنظمة العربية، وبالخصوص المغرب والخليج، فضلا عن مصر والأردن، وهي أنظمة مُعادية لمصالح شعوبها ومُعادية لحقوق الإنسان والعدالة والمساواة.
تضاءلت التغطية الإعلامية لنشاط غرريتا ثونبرغ، التي كانت يومًا ما الطفلة المُفضّلة لدى المؤسسة الحاكمة، ثم انخفضت التغطية في صحيفَتَيْ نيويورك تايمز وواشنطن بوست من مئات المقالات سنويًا ( حوالي 300 سنة 2018 ) إلى بضعة مقالات فقط ( ثلاثة سنة 2024)، بفعل توسّع نطاق اهتمامها من البيئة إلى النظام الرأسمالي المُسبّب لانهيار المناخ، وخصوصًا عندما وصفت العدوان الصّهيوني على فلسطينِيِّي غزة بأنه « إبادة جماعية ».
دعمت وسائل الإعلام غريتا ثونبرغ عندما كانت في سن الخامسة عشرة ( سنة 2018) ونظمت إضرابًا مناخيًا في مدرستها المحلية، واشتهرت واحتضنتها المؤسسات الإعلامية والسياسية والدبلوماسية، سنة 2019، ( كما فعلت سابقًا مع مراهقة باكستانية ) ودُعيت إلى البرلمان الأوروبي وبرلمانات أخرى، وحاولت تبليغ رسالة عن ضرورة معالجة أزمة المناخ بسرعة، وفازت سنة 2019 بجائزة المرأة السويدية، واختارتها مجلة فوربس كواحدة من أقوى 100 امرأة في العالم، ومنحتها مجلة تايم لقب شخصية العام المرموقة، وأمطرتها المؤسسات الليبرالية بالاهتمام والثناء، ووصفتها صحيفة نيويورك تايمز بأنها « كاساندرا العصر الحديث لعصر تغير المناخ »، ويبدو إن عملية استقطاب غريتا ثونبرغ وتحويلها إلى تميمة للنخب قد فشلت، ولذلك تراجعت التغطية الإعلامية لها في وسائل الإعلام السائد، بسبب توسيع غريتا ثونبرغ مجال اهتماماتها إلى القضايا العالمية ومن ضمنها القضية الفلسطينية، وهذا ذنب لا يُغْتَفَر في عُرْف المنظومة الرّأسمالية السّائدة، وانخفضت تغطية أخبار غريتا ثونبرغ في صحيفة نيويورك تايمز وواشنطن بوست ( كرَمْزَيْن للإعلام السّائد) بشكل حاد منذ سنة 2019، ليتّجه نحو الصّفر (tends towards zero ) بِلُغَة الرّياضيّات، سنة 2025 (ثلاث مقالات في صحيفة نيويورك تايمز ومقالتين في صحيفة واشنطن بوست)، ويرتبط الإنخفاض الحاد في اهتمام وسائل الإعلام المؤسسية ارتباطًا وثيقًا بتطوّر مواقف غريتا ثونبرغ، خصوصًا عندما حدّدت ( سنة 2022 ) الرأسمالية كسبب رئيسي لانهيار المناخ، وشرحت الحاجة إلى ثورة عالمية شاملة، قائلةً : « إن ما نُسمّيه طبيعيا هو نظام متطرف قائم على استغلال الناس والكوكب. إنه نظامٌ قائم على الاستعمار والإمبريالية والقمع والإبادة الجماعية من قِبل ما يُسمى بالشمال العالمي لتكديس الثروة، وهو النظام الذي لا يزال يُشكل نظامنا العالمي الحالي » ووصفت مؤتمرات الأمم المتحدة لتغير المناخ بأنها « مضيعة للوقت، ومجرد فرصة لأصحاب السلطة لاستخدام التضليل البيئي والكذب والغش »، ولم يسمح لها الإعلام السّائد دعم نضالات العمال، فقد زارت سنة 2024 مصنع قطع غيار السيارات GKN في مدينة فلورنسا الإيطالية، لما كان العُمّال المُضربون يحتلّونه وصرّحت « العدالة المناخية = حقوق العمال »، وأعلنت: » لا يُمكن الفَصْل بين النضال من أجل العمل والنضال من أجل العدالة المناخية، فالأرض تدافع عن المصنع، والمصنع يدافع عن الأرض. إن النضال من أجل راتب يمكنك من العيش حتى نهاية الشهر هو نفسه النضال ضد نهاية العالم »، كما دعمت نضال الشعب الصّحراوي ضدّ الإحتلال المغربي، ودعمت إضراب مُزارعي الهند، وكانت « خطيئتها الكُبرى » في نظر وسائل الإعلام الرأسمالي تضامنها مع الشعب الفلسطيني، لما اتهمت الكيان الصهيوني ( سنة 2021) « بارتكاب جرائم حرب في القدس وغزة »، ثم دعت سنة 2023 إلى « وقف فوري لإطلاق النار ومن أجل الحرية والعدالة لفلسطين »، وتم اعتقالها لفترة وجيزة، سنة 2024، لمشاركتها في احتجاج على مشاركة الكيان الصهيوني في مسابقة الأغنية الأوروبية، وكانت مواقفها بخصوص الكيان الصهيوني وجعمها الشعب الفلسطيني سببًا للتنديد بها وللإدانة بعد أيام قليلة من دعواتها لوقف إطلاق النار، نشرت مجلة فوربس مقالاً بعنوان « موقف غريتا ثونبرغ من غزة يمثل مشكلة لحركة تغير المناخ »، وزعمت المجلة أن مشاركة « الآراء المثيرة للجدل التي لا تؤدي إلا إلى تنفير فئات سكانية بأكملها » لا « تعزز قضية بيئية »، و »تضعف فقط قدرتها على الدعوة وتضر بحركة تغير المناخ بشكل عام »، ثم زعمت مجلة فوربس المُختصّة في إحصاء ثروات أثرى أثرياء العالم، « إن غريتا ثونبرغ مدفوعة بكراهية شاملة لإسرائيل، وبتصميم على تدمير الدولة اليهودية »، وزايدت عليها مجلة دير شبيغل الألمانية، التي منحتها « شخصية العام » سنة 2019، ووصفت غريتا ثونبرغ بأنها « معادية للسامية »…
مثّلت المواقف العَلَنِيّة لغريتا ثونبرغ ضد الرأسمالية والإمبريالية وتصرفات الكيان الصهيوني في غزة سبب غضب مالكي ومُدِيرِي وسائل الإعلام التي ساندتها لما كانت مراهقة، وندّدت بها عندما بدأت تربط بين تحقيق العدالة المناخية والعدالة الإجتماعية، والاقتصادية، فضلا عن اتخاذ موقف بشأن غزة، فكان ذلك بمثابة « القشة التي قصمت ظَهْرَ البعير »، فتجاهلت وسائل الإعلام المؤسسية ( مثل صحف نيويورك تايمز وواشنطن بوست) رحلة السفينة مادلين، فيما ندّدت صحيفة تلغراف البريطانية اليومية بركاب السفينة وبأهدافهم ( على رَمْزِيّتها )، واعتبرت غريتا ثونبرغ وسائل الإعلام الغربية « مشاركة نشطة في المذبحة… إن حكوماتنا ومؤسساتنا وشركاتنا تدعم هذه الإبادة الجماعية بأموال ضرائبنا. إن وسائل إعلامنا هي التي تواصل نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين »، وأضافت : « بالنيابة عن المجتمع الدولي، أو ما يسمى بالعالم الغربي، أنا آسفة للغاية لأننا خُنّاكُمْ بعدم دعمكم بما فيه الكفاية »…
لا تُظهر ثونبرغ أي نية للتراجع. وقالت : « نحن ندافع عن العدالة، والاستدامة، والتحرر للجميع. لا يمكن أن تتحقق عدالة مناخية بدون عدالة اجتماعية »، وكان هذا الرّبط بين قضايا المناخ وقضايا الإستغلال والإضطهاد سبب إقصائها من وسائل الإعلام السّائد ومن « مجتمع النخبة المهذب »
خاتمة
تتضمن خطابات الرئيس المصري الدعوة إلى « زيادة الضغط على إسرائيل » وأظهرت الوقائع إنه يُنفّذ أوامر الكيان الصهيوني والولايات المتحدة، فقد اعتقلت الشرطة المصرية المُشاركين المصريين في حركة التضامن مع الشعب الفلسطيني، كما اعتقلت ورَحّلت مئات الأشخاص المُشاركين في مسيرة التضامن، ممن وصلوا مصر جوًّا، وحاول مئات المشاركين في مسيرة غزة، من مصريين وأجانب ( لم يتم كشفهم عند وصولهم مطار القاهرة) الإتجاه نحو العريش ثم رَفَح، لكن الشرطة اعترضتهم على بُعد عشرات الكيلومترات من القاهرة، قبل الوصول إلى الإسماعيلية، وأعادتهم إلى القاهرة في عربات الشرطة، يوم الجمعة 13 حزيران/يونيو 2025، وتم ترحيل الأجانب فور وصولهم إلى القاهرة، وتَعرّضَ بعض من كانوا يقومون بالتصوير لسوء المعاملة والضرب.
من جهة أخرى تجمّع عدد من المصريين أمام مَقَرّ نقابة الصحافيين، دعما للشعب الفلسطيني، واستخدم النظام المصري عددا من وسائل القمع لأي شكل من أشكال الإحتجاج والمُعارضة أو المُقاومة، من بينها الشرطة والجيش والعصابات الإجرامية والمافيا عندما يفضل النظام عدم الظهور في الخطوط الأمامية…
خلاصة القول إن التطبيع الرّسمي مع الكيان الصهيوني ( منذ 1977) لم يتحول إلى تطبيع ثقافي أو شعبي، سواء في مصر أو الأردن أو المغرب أو غيرها، وخلال انتفاضة 2011، تعرضت سفارة العدو الصهيوني بالقاهرة إلى الهجوم وإنزال علم الإحتلال مما أدّى إلى إغلاقها عدّة سنوات، ولا يزال الشعب المصري والأردني يُقاومان التّطبيع، رغم القمع، وقال أحد زعماء الكيان الصهيوني، أرئيل شارون ( 1928 – 2014) رئيس الحكومة من 2001 إلى 2006، « إن الأنظمة العربية مُستعدّة للتطبيع، لكن الشعوب العربية ترفضنا ولن تقبل تطبيع العلاقات أبدًا »، وهو مُحِقٌّ في ذلك…
الطاهر المعز
-
Vijay Prashad-L’attaque illégale contre l’Iran


13 juin 2025
Les attaques constantes d’Israël contre l’Iran depuis 2023 sont toutes illégales, en violation de la Charte des Nations Unies (1945). L’Iran est un État membre des Nations Unies et est donc un État souverain dans l’ordre international. Si Israël avait un problème avec l’Iran, il existe de nombreux mécanismes mandatés par le droit international qui permettent à Israël de porter plainte contre l’Iran.
Jusqu’à présent, Israël a évité ces forums internationaux parce qu’il est clair qu’il n’a aucun dossier contre l’Iran. Les allégations selon lesquelles l’Iran construit une arme nucléaire, qui sont constamment soulevées par les États-Unis, l’Union européenne et Israël, ont fait l’objet d’une enquête approfondie par l’Agence internationale de l’énergie atomique (AIEA) et ont été jugées infondées. Il est certainement vrai que l’Iran a un programme d’énergie nucléaire qui est conforme aux règles en place par l’intermédiaire de l’AIEA, et il est également vrai que l’establishment clérical iranien a mis en place une fatwa (édit religieux) contre la production d’armes nucléaires. Malgré les conclusions de l’AIEA et l’existence de cette fatwa, l’Occident – encouragé par Israël – a accepté cette idée irrationnelle que l’Iran construit une arme nucléaire et que l’Iran est donc une menace pour l’ordre international. En effet, par ses attaques ponctuelles et illégales contre l’Iran, c’est Israël qui constitue une menace pour l’ordre international.

Au cours des dernières décennies, l’Iran a appelé à la création d’une zone dénucléarisée au Moyen-Orient, une idée étrange venant d’un pays accusé de vouloir construire une arme nucléaire. Mais cette idée d’une zone dénucléarisée a été rejetée par l’Occident, en grande partie pour protéger Israël, qui a un programme d’armes nucléaires illégal. Israël est le seul pays du Moyen-Orient à disposer d’une arme nucléaire, bien qu’il ne l’ait jamais testée ouvertement ni reconnu son existence. Si Israël était si désireux d’éliminer toute menace nucléaire, il aurait dû accepter avec enthousiasme l’offre de création d’une zone exempte d’armes nucléaires.
Ni les Européens, qui se posent si souvent en défenseurs du droit international, ni les dirigeants des Nations Unies n’ont publiquement poussé Israël à adopter cette idée parce qu’ils reconnaissent tous deux que cela nécessiterait qu’Israël, et non l’Iran, se dénucléarise. Le fait qu’il s’agisse d’une situation improbable signifie qu’il n’y a eu aucun mouvement de la part de l’Occident ou des institutions internationales pour faire avancer cette idée et construire un consensus international pour développer une zone exempte d’armes nucléaires au Moyen-Orient.
Israël ne veut pas construire une zone dénucléarisée dans la région. Ce qu’Israël veut, c’est être la seule puissance nucléaire de la région, et donc être exactement ce qu’elle est – à savoir, la plus grande base militaire des États-Unis dans le monde qui se trouve être le foyer d’une importante population civile. L’Iran n’a pas l’ambition d’être une puissance nucléaire. Mais il a l’ambition d’être un État souverain qui reste engagé dans la justice pour les Palestiniens. Israël n’a aucun problème avec l’idée de souveraineté en soi, mais a un problème avec tout État de la région qui s’engage dans l’émancipation palestinienne. Si l’Iran normalisait ses relations avec Israël et cessait son opposition à la domination américaine dans la région, il est probable qu’Israël mettrait fin à son opposition à l’Iran.
Israël et les États-Unis ont ouvert la voie
En janvier 2020, les États-Unis ont mené un assassinat illégal à l’aéroport irakien de Bagdad pour tuer le général Qassim Soleimani, chef de la Force Qods du Corps des gardiens de la révolution islamique (CGRI). Soleimani, par l’intermédiaire de la Force Qods, avait produit pour l’Iran une police d’assurance contre de nouvelles attaques israéliennes contre le pays. La Force Qods est responsable des opérations militaires iraniennes en dehors des frontières du pays, y compris la construction de ce que l’on appelle « l’Axe de la résistance » qui comprend les différents gouvernements pro-iraniens et les forces militaires non gouvernementales. Il s’agit notamment du Hezbollah au Liban, de divers groupes du CGRI en Syrie qui ont travaillé avec des milices syriennes, du gouvernement de Bachar al-Assad en Syrie, de plusieurs factions palestiniennes en Palestine occupée et du gouvernement d’Ansar Allah au Yémen. Sans sa propre dissuasion nucléaire, l’Iran avait besoin d’un moyen d’équilibrer la supériorité militaire d’Israël et des États-Unis. Cette dissuasion a été créée par « l’Axe de la Résistance », une police d’assurance qui a permis à l’Iran de faire savoir à Israël que si Israël tirait sur l’Iran, ces groupes feraient pleuvoir des missiles sur Tel Aviv en représailles.

L’assassinat de Soleimani a marqué le début d’une nouvelle campagne politique et militaire déterminée menée par les États-Unis, Israël et leurs alliés européens pour affaiblir l’Iran. Israël et les États-Unis ont commencé à frapper ponctuellement les bases logistiques iraniennes en Syrie et en Irak afin d’affaiblir la position avancée de l’Iran et de démoraliser les milices syriennes et irakiennes qui agissaient contre les intérêts israéliens. Israël a commencé à assassiner des officiers militaires du CGRI en Syrie, en Iran et en Irak, une campagne meurtrière qui a commencé à avoir un impact sur le CGRI et la Force Qods.
Profitant de sa guerre génocidaire contre les Palestiniens de Gaza, Israël, avec le soutien total des États-Unis et de l’Europe, a commencé à endommager l’Axe de la Résistance, la police d’assurance de l’Iran. Israël a porté sa guerre au Liban, avec une campagne de bombardements impitoyables qui a notamment entraîné l’assassinat du chef du Hezbollah, Sayyid Hassan Nasrallah, le 27 septembre 2024. Cette campagne, bien qu’elle n’ait pas totalement démoli le Hezbollah, l’a certainement affaibli. Pendant ce temps, Israël a commencé une campagne de bombardement régulière contre les positions militaires syriennes autour de Damas et le long de la route d’Idlib dans le nord. Cette campagne de bombardements, coordonnée avec l’armée américaine et les services de renseignement américains, avait pour but d’ouvrir la voie à l’entrée des anciens combattants d’Al-Qaïda à Damas et de renverser le gouvernement d’al-Assad le 8 décembre 2024. La chute du gouvernement al-Assad a entamé la force de l’Iran dans la région du Levant (de la frontière turque au territoire palestinien occupé) ainsi que le long des plaines du sud de la Syrie à la frontière iranienne. La campagne constante des États-Unis pour bombarder les positions yéménites a entraîné la perte de l’équipement lourd d’Ansar Allah (y compris des missiles à longue portée) qui menaçaient fondamentalement Israël.
Cela signifiait qu’au début de 2025, la police d’assurance iranienne contre Israël s’était effondrée. Israël a commencé sa marche vers la guerre, suggérant qu’une attaque contre l’Iran était imminente. Le Premier ministre israélien Benjamin Netanyahu sait qu’une telle attaque l’aiderait dans une lutte politique intérieure avec les partis ultra-orthodoxes sur la question d’une exemption militaire pour leurs communautés ; Cela évitera à son gouvernement de tomber. Le cynique Netanyahou utilise le génocide et la possibilité d’une guerre horrible avec l’Iran à des fins politiques étroites. Mais ce n’est pas ce qui motive cette attaque. Ce qui motive cette attaque, c’est qu’Israël sent une occasion d’essayer de renverser le gouvernement iranien par la force.
L’Iran est revenu dans les négociations avec l’AIEA pour empêcher une telle attaque. Ses dirigeants savaient très bien que rien n’empêcherait un menteur comme Israël de bombarder l’Iran. Et rien ne s’est passé. Pas même le fait que l’Iran soit toujours à la table des négociations. Israël a profité de la faiblesse momentanée de l’Iran pour frapper. Et cette frappe pourrait encore s’intensifier.

Le livre le plus récent de Vijay Prashad (avec Noam Chomsky) est The Withdrawal : Iraq, Libya, Afghanistan and the Fragility of US Power (New Press, août 2022).
-
Amel Hadjadj-Ce qui se passe en Egypte, comment sont « reçus » les militants solidaires de ma Marche Mondiale pour Ghaza

Ce qui se passe en Egypte, comment sont "reçus" les militants solidaires, témoignage de Amel Hadjadj, partie en Egypte avec une délégation féministe algérienne qui raconte ce qui s'est passé sur place et comment l'initiative a été coordonnée par un réseau international de façon discrète pour arriver sur place.
·Ce qui se passe en Egypte, comment sont « reçus » les militants solidaires de ma Marche Mondiale pour Ghaza par Amel Hadjadj
À propos de ce qui s’est passé hier
Hier, nous étions nombreux, des citoyennes et citoyens venus de plusieurs pays, réunis dans l’espoir de rejoindre la marche globale pour Gaza. L’organisation a été très compliquée, car notre arrivée a devancé l’obtention des autorisations nécessaires des autorités égyptiennes.
Les coordinations locales, en lien avec l’organisation principale — composée majoritairement de militant·es suisses — nous ont informé·es à travers différentes plateformes sécurisées. Il fallait se connecter, puis se rendre à la ville d’Ismaïlia afin d’essayer de rejoindre Al Arish, dernière ville avant Rafah. C’est depuis Al Arish que devait débuter une marche de trois jours jusqu’au passage de Rafah, pour y organiser un sit-in. Nos revendications étaient claires : la levée du blocus de Gaza, un cessez-le-feu immédiat, et la fin de l’occupation.
Beaucoup ont répondu à l’appel. De notre côté, notre délégation féministe, venue au nom de plusieurs associations et individualités (certaines citées, beaucoup d’autres non dans le communiqué), a eu beaucoup de mal à trouver un véhicule. Après de nombreux refus et annulations, nous avons enfin pu réserver un VTC, malgré la tension croissante sur les routes. Chaque checkpoint était une épreuve. Il fallait dépasser ces points de contrôle avec la peur d’être identifiées, arrêtées, ou, de se faire confisquer le passeport.
Les messages d’alerte se multipliaient : plusieurs personnes étrangères se faisaient arrêter, parfois sans retour immédiat de leur document de voyage . À chaque checkpoint franchi, c’était un mélange de soulagement et de peur. Nous avons dépassé le premier, puis le deuxième, et sommes parvenues aux abords d’Ismaïlia. Mais là, tout s’est figé. Plus personne, pas même les Égyptien·nes, n’étaient autorisé·es à entrer. Les autorités ont confisqué nos passeports et ordonné au VTC de nous reconduire au Caire.
Nous avons insisté pour avoir des explications. Finalement, on nous a dit qu’une escorte allait nous accompagner, et que nos passeports nous seraient rendus. À la sortie d’Ismaïlia, nous avons été contraint·es de descendre du véhicule. Le chauffeur ne pouvait pas attendre. On a sorti nos affaires du coffre et rejoint les autres. Là, les autorités ont commencé à appeler les nationalités une par une pour restituer les passeports. Pour nous, les Algériennes et Algériens, cela a pris plus de temps que pour d’autres. L’attente, l’incertitude, le stress… c’était insupportable.
Depuis la veille, nous respections les consignes de sécurité : se faire passer pour des touristes, éviter toute visibilité militante. Des camarades s’étaient déjà fait refouler à partir des hôtels. Malgré tout, il était impossible de renoncer. Nous savions que Gaza n’était pas loin, que nos frères et sœurs palestinien·nes étaient bombardé·es. Comment se taire ? Comment céder à la peur ? Notre présence était un devoir, une colère, une responsabilité.
Au checkpoint, le moment a été d’une puissance rare. On était des dizaines, puis des centaines d’étrangèr·es rassemblé·es. Et quand les passeports ont été rendus selon les nationalités, nous avons pu reconnaître les délégations de chaque pays. Un regard suffisait pour se comprendre. Tous, toutes, nous étions là pour Gaza. Aucun·e ne disait être simplement « touriste ». Et soudain, quelqu’un a lancé un “Free Palestine”. Puis un drapeau est sorti. Puis un autre. Le drapeau algérien, suisse, marocain, tunisien… La solidarité populaire internationale prenait forme devant nos yeux. C’était spontané, beau, fort. Nous n’avions plus peur.
Ce moment de révolte partagée, de prise de parole collective, n’était pas prévu. Mais c’était cela, l’essence de la marche : porter une voix claire, visible, courageuse. Malgré les consignes, malgré les risques.
Les coordinations ont le matin rappelé les dangers : arrestations possibles, sanctions potentielles selon la législation égyptienne. Le débat entre confrontations et diplomatie avec les pays frontaliers de la Palestine occupée continue jusqu’à aujourd’hui à la Global March . Pour certain·es, il fallait éviter de mettre l’Égypte dans une position délicate. Pour d’autres, il fallait briser le silence, coûte que coûte.
Après quelques heures de tolérance, les choses ont basculé. Les forces de l’ordre sont arrivées en nombre, avec des bus, des camions, parfois même des véhicules de sécurité plus lourdement équipés. Ils ont pris la parole :
« Bravo, vous avez fait passer votre message. Maintenant, il faut partir. »
Des bus pour retourner au Caire nous attendaient. Plusieurs refusaient de partir, d’autant que certains n’avaient toujours pas récupéré leur passeport. Aucune explication claire ne nous a été donnée.
Le choix des personnes à arrêter était peut être aléatoire peut être non : j’ai besoin de plus de recul pour comprendre mais je tiens à témoigner que y aurait encore beaucoup à dire, notamment sur ce qui s’est passé dès l’aéroport, sur les consignes non respectées par quelques-un·es, et sur les formes d’expulsions invisibles. Nous avons tenté, ensemble, de dépasser ces obstacles — refoulement, intimidation, contrôle, confiscation — pour être présentes au bon moment, au bon endroit, avec notre message.
Il y avait des comportements très bizarres. Par exemple, quand les policiers — notamment à l’aéroport — nous demandaient : « Pourquoi vous êtes là ? », nous, on répondait tout de suite : « On est là pour le tourisme. » comme l a prévu la consigne :
Mais d’autres répondaient autre chose, genre : « Moi je suis une personnalité connue, je fais ça, je fais ça, je suis engagée… » Certaines allaient jusqu’à dire qu’elles étaient venues pour la marche globale.
On ne comprenait pas. Était-ce du courage ? Une volonté de transparence ? Ou bien une démarche intéressée, une quête de visibilité ? En tous les cas, ça a commencé à nous poser des questions :
Sommes-nous là pour être les visibles, les héros d’un moment ? Ou sommes-nous là pour parler des gens qui, pendant qu’on est ici, sont toujours en train de mourir sous les bombes ?
Pour revenir au sit-in d’hier , quand la porte parole des policiers nous a dit pour la première fois : « Vous partez », beaucoup ont répondu : « Non ! »
Certain·es n’avaient même pas leurs passeports. Et toujours aucune réponse officielle sur la demande d’autorisation pour une marche pacifique contre le blocus de Gaza.
La deuxième fois, le ton change : les autorités égyptiennes nous parlent de façon beaucoup plus menaçante.
C’était du chantage.
On nous dit : « Soit vous partez, soit expulsion directe à l’aéroport. »
Ça sous-entendait une possibilité de violence, pas de manière explicite, mais clairement suggérée.
À ce moment-là, des gens ont commencé à crier : « Sit down ! Sit down ! »
On s’est mis par terre, tous et toutes, en scandant des slogans pour la Palestine, pour la fin du blocus, contre les bombardements, contre la vente d’armes.
Et puis, il y a eu un basculement.
Des hommes sont arrivés, en civil, habillés de manière traditionnelle, avec des chèches.
Je précise : ce n’étaient ni des « bédouins arriérés » comme certains commentaires l’ont insinué.
Ces chèches, à mon avis, servaient à cacher leurs visages, parce qu’ils étaient là pour exercer la violence.
C’était des policiers ou des pro systèmes payés
Les policiers en uniforme, eux, formaient un cordon, armés. Mais c’étaient ces civils — des dits baltaguias — qui ont commencé à frapper violemment les manifestants.
Les policiers restaient immobiles, comme s’ils recevaient les ordres de ces hommes en civil.
Certain·es ont parlé d’« enlèvements », mais ce qu’on a vu, c’était plus complexe.
Ce n’étaient pas des disparitions dans des voitures noires. C’étaient des gens traînés de force et battus pour être mis dans des bus.
Oui, c’est peut être une forme d’enlèvement : on t’embarque de force là où tu ne veux pas aller. Mais on savait ou pouvait partir les bus : autoroute, ville, aéroport , commissariat.
Les bus ? C’était la loterie.
Les premières personnes mises dans les bus — celles proches du cordon policier — après avoir été violemment battues ont été directement emmenées vers l’aéroport.
Nous, on était un peu en retrait mais juste derrière cette première file. Dès que les premiers ont été forcés à monter, on est devenues les suivants.
Certain·es ont résisté : ils ont reçu des coups terribles.
D’autres, comme nous, ont eu peur.
Dès qu’on nous a pris depuis nos vêtements, bousculé·es, on a cédé. On est monté·es, paralysé·es par la peur. Le maximum qu’on a pu faire une fois ressaisie c’est prendre des images . L’une des vidéo qui circule d’ailleurs est la mienne mais bon.
Dans le bus, c’était la confusion totale.
On voulait surtout rester ensemble, ne pas se disperser, pouvoir s’alerter si besoin.
Un civil a demandé au chauffeur du bus plein : « Vers l’aéroport ? »
Puis il a pointé notre bus et dit : « Celui-là, vers le Caire. »
Mais « le Caire », ça pouvait vouloir dire vers un commissariat, vers une détention.
Et on savait, on nous avait expliqué le matin même : si tu es arrêté pour tentative d’approche des frontières par des zones militaires, tu peux être accusé·e de terrorisme.
Et là, c’est minimum 20 ans de prison, voire la perpétuité. J’avais pas le temps de réfléchir et de répondre clairement aux journalistes qui pouvaient relayer des messages pas clairs. Mes copines se sont occupées de mon genou enflée à cause du mouvement de foule et ma mauvaise gestion de panique en voyant les hommes au visage caché violenter les manifestants pacifiques.
On recevait des retours:
Certains bus sont partis vers l’aéroport pour l’expulsion.
Un autre a abandonné les gens sur une autoroute, en pleine nuit.
Nous, par un hasard incroyable, on a été déposées pas loin du centre-ville du Caire.
À 20 minutes de taxi.
On n’a pas vu de traitement particulier pour les Algérien·nes.
C’était la police comme partout dans le monde: brutale, opaque, violente.
Si vous voulez mon avis : il faut abolir la police.
L’ordre devrait venir de nous-mêmes.
Ce n’est pas propre à l’Égypte, et je rejette complètement les hashtags du genre « Boycott Egypt ».
Je boycotte tous les États du monde dans ce cas là , moi. Ils sont tous problématiques.
Parler et généraliser me fatigue et me stresse : Ce que je retiens, sans romance et avec beaucoup d’honnêteté est l’extraordinaire solidarité du peuple égyptien.
Des ami·es égyptien·nes nous ont aidé·es à fuir les hôtels sous surveillance, ont pris des risques pour nous, nous ont hébergé et nourri , nous ont expliqué la loi, ont tenté de participer.
Il y a là un autre universalisme : pas celui que je préfère appeler occidentalisme et c’est la force de cette action.
On était des dizaines de nationalités.
On s’est soutenu·es, on a parlé les langues des un·es et des autres quand on scandait, partagé les peurs, les espoirs avec et grâce aussi au peuple égyptien :
Tout ça doit être raconté.
Il faut continuer à exiger la libération de toutes les personnes arrêtées et expulsées.
Nous-mêmes, on ne sait pas combien de temps il nous reste ici.
Mais ce qui est sûr : on doit cesser de propager de fausses informations, la manipulation et la caricature des états du sud comme si les états du nord ne prenaient pas part à cette guerre et à notre oppression et continuer surtout à faire preuve de courage.
Parce que les Gazaoui·es, sous les bombes, continuent, résistent, vivent.
Et qu’on n’a pas le droit de les trahir
Prendre le temps, ne pas trahir
Aujourd’hui, ce que nous vivons ressemble à un confinement.
Pas un confinement sanitaire, mais un moment où il faut se mettre en retrait pour réfléchir, avec les autres, à ce qu’il convient de faire.
Politiquement, éthiquement.
Se poser cette question cruciale : comment faire pour que cette marche serve réellement les Gazaoui·es, et non pas la starification de celles et ceux qui y ont participé ?
Il faut aussi penser à celles et ceux qui nous entourent, ici, en Égypte.
Des femmes, des hommes, des camarades égyptien·nes qui nous ont aidé·es, protégé·es, informé·es.
Eux et elles, contrairement à nous, ne rentreront pas chez eux les prochains jours comme nous !
Ils restent ici, et leur lutte est aussi importante que la nôtre et ce qui ne concerne qu’eux ne concerne qu’eux .
Alors nous devons, aussi pour eux, faire preuve de prudence.
Personnellement, je n’ai pas communiqué dans le détail sur ce que nous vivons.
D’abord, parce que je n’en ai pas eu l’énergie.
Mais surtout parce que j’ai besoin de recul :
Pour ne pas dire n’importe quoi.
Pour que nos paroles ne soient pas instrumentalisées.
Pour que notre présence ne soit pas détournée de son objectif.
Pour que la sécurité de chacun·e ne soit pas compromise.
Cette expérience — qui, je le rappelle, n’est pas encore terminée — ne se clôturera pas avec notre retour.
Elle se terminera avec la fin de l’occupation.
La fin du colonialisme.
Et tant que ce n’est pas le cas, nous devons continuer à parler, mais sans précipitation.
Avec responsabilité.
Je ressors de cette expérience transformée.
Renforcée.
Et je mesure plus que jamais à quel point la guerre est proche, à quel point elle nous concerne directement.
Bien sûr, heureusement qu’on se sent concerné·es, humainement, spontanément.
Mais ce que je ressens, c’est plus profond : c’est une conscience politique renforcée.
Une compréhension accrue de l’impérialisme, du rôle des frontières, des violences des états et l’idée même de l’état ..
Et une certitude :
Tant qu’on ne mettra pas fin à l’impérialisme, aux logiques coloniales, les droits des femmes, des minorités, des peuples opprimés — ici comme ailleurs — resteront des illusions.
Aucune lutte féministe n’est complète si elle ne s’inscrit pas contre l’ordre colonial global.
Je suis venue ici avec d’autres camarades, au nom d’un mouvement féministe qui nous a permis d’être là.
Et je veux lui dire merci.
Merci pour la confiance, pour la solidarité, pour les valeurs communes et d’être un vrai mouvement Decolonial
Merci aussi à chaque camarade :
Votre mobilisation, de dernière minute parfois, malgré les risques, malgré les doutes, a été extraordinaire.
Certain·es nous ont dit :
« Vous partez à quatre, vous pensez que vous allez changer quelque chose ? »mais chacun·e a fait selon ses moyens.
Certaines organisations des autres pays ont pu envoyer deux personnes, d’autres une seule.
Beaucoup ont été expulsé·es sans même avoir pu atteindre la marche.
Alors non, ce n’est pas le moment de juger les stratégies ou les formes d’engagement des un·es et des autres.
Ce n’est pas le moment de distribuer des notes.
C’est le moment de prendre conscience que nous vivons un tournant historique.
Des choses ont changé depuis que nous avons embarqué dans l’avion.
Nous devons prendre du recul, ensemble, et penser à ce que signifie aider aujourd’hui.
Pas aider pour soulager nos consciences.
Amel Hadjadj
-
وليد عبد الحي-الامتحان الايراني الاسرائيلي: مرحلة السؤال الأول

الامتحان الايراني الاسرائيلي: مرحلة السؤال الأول : وليد عبد الحي
ما الذي حصده المتصارعان من معركتهما الدائرة ؟ لا شك ان سرد النتائج يجب ان يضع في الاعتبار ان الامر يشبه الطالب الذي يجيب على ورقة الاسئلة،فهو لا يدري كم سيُفلح في الاجابة على الاسئلة المتبقية بعد أن انتهى من اجابة السؤال الاول، ويبدو ان الاجابة الاسرائيلية كانت كالتالي:
أولا: المكاسب الاسرائيلية:
أ- تغييب نسبي وغير قليل لصورة المآساة الغزية عن التداول الاعلامي او اللقاءات الدولية او التظاهرات الشعبية الناقدة وبقوة لاسرائيل ،وهو امر تراه القيادة الاسرائيلية مكسبا ضروريا دون مبالغة .
ب- تخفيف التوتر في الشارع الاسرائيلي ضد الحكومة الى جانب عودة التكاتف بين الحكومة والمعارضة(فلا مكان بينهم للشماتة فيما بينهم إذا كان الامر له طبيعة استراتيجية)، ولعل التصريحات المتتابعة يمينا ويسارا من الشارع السياسي الاسرائيلي تعزز هذا الاتجاه ولو لحظيا.
ت- تعميق الشعور لدى القيادات والنخب الاسرائيلية بان درجة التزام المطبعين العرب بواجباتهم تجاه اسرائيل اعلى مما تخوف منه قطاع من القيادة والنخبة الصهيونية ، بخاصة ان اسرائيل لا تولي اي وزن-وهي على حق في ذلك- لأي تنديد عربي يقع في خانة دبلوماسية الاسفنجة، فحتى الالتزام العربي بالتطبيع فاق التوقع الاسرائيلي بل ان بعض الدول زادت مشترياتها من السلاح الاسرائيلي او زاد حجم تجارتها معها.
ث- تعزيز الثقة في جهاز الاسخبارات الاسرائيلي الداخلي والخارجي ، فبعد هزة طوفان الاقصى « استخباراتيا » ، تمكنت اسرائيل من اغتيال سلسلة من قادة المقاومة ثم اتبعتها باغتيالات لحوالي عشرين قياديا ايرانيا من الصف الاول العسكري والسياسي والعلمي الايراني، وهو امر نوهت له مراكز الدراسات الاسرائيلية وعززت اعادة الثقة باجهزتهم الامنية ،بل تم طرح السؤال التالي:، إذا كان الاختراق في ايران بهذا المستوى فما هو حجم الاختراق في دول » الغربال « .
ج- امتصاص بعض الحنق الاوروبي مؤخرا بخاصة البريطاني والفرنسي ،إذ وعد هؤلاء بمساندة اسرائيل إذا اتسعت المعركة ، وهو » تخفيف « للزخم الذي لاح في افق الدبلوماسية الاوروبية » معارضا لبعض التصرفات الاسرائيلية ، وهو مكسب نسبي وفي حدود.
ح- ايقاع قدر من الخسائر في ايران، لكن من المبكر تقدير حجمها وتداعياتها الاستراتيجية على الامكانيات الايرانية.
مقابل ذلك ، عانت اسرائيل من نتائج لا يجوز تجاوزها (حتى الآن ،فنحن ما زلنا في السؤال الأول من الامتحان):
1- ارتفاع درجة الاحباط في الشارع الاسرائيلي من اكتشاف القدرة الايرانية على امتصاص « اللكمة القاسية الاولى » والعودة للمبادرة ،وإدارة الضربات بمستويات نجاح لم تعهدها اسرائيل بخاصة الوصول الى مرافق حساسة بدءا من المصافي الى معهد وايزمن الى المرافق الاخرى العسكرية والمدنية، فهل خزانات الامونيا في ميناء حيفا ستكون هدفا، او بعض مرافق ديمونا؟؟؟اسئلة تلوح في الذهن.
2- تزايد التراجع بين القيادات الاسرائيلية (الخشنة والناعمة) بان اجبار ايران على التخلي عن برنامجها النووي عبرالتفاوض او عبر ممارسة القوة الخشنة امر ممكن، فقد توالت تصريحات العديد من الخبراء الاسرائيليين بل والغربيين بأن انكفاء ايران عن برنامجها النووي وتحديدا مرحلة التخصيب لا يبدو امرا متاحا.
3- اتضح للمراقبين الاسرائيليين من النخب الفكرية أن المعارضة الايرانية لها حدود متواضعة وبمستوى اقل مما ظنته وراهنت عليه بعض النخب الاسرائيلية، ولعل تحريض نيتنياهو للشارع الايراني وعدم الالتفات من المجتمع الايراني لتحريضه كشف ضرورة » عدم المغالاة » في ذلك ، بل ان النظام الايراني رفع بعض القيود في حمى المعركة عن بعض ابرز قادة المعارضة بخاصة من التيار الاصلاحي مثل مهدي كروبي والوعد بمزيد من التسهيلات لمير حسين موسوي ، وهما قطبا المعارضة الرسمية ، ولعل ذلك يجعل فكرة تغيير النظام فكرة ليست واعدةعلى الأقل في المدى الزمني المباشر .
4- تنامي القلق من القوى الاقتصادية الدولية المختلفة من أن التصاعد قد يرفع اسعار البترول الى حدود قياسية، ولعل التلويح الايراني باغلاق مضيق هرمز يعني تكاليف لا تطاق على الخزائن الاوروبية والصينية وجيب المستهلك الامريكي، وتُحمل القوى المتضررة من هذا الارتفاع اسرائيل المسؤولية الاولى عنه.
5- ان حجم الخسائر البشرية والمادية والمعنوية في اسرائيل تفوق كل ما اطلعت عليه من تقديرات اسرائيلية قبل نشوب المعركة الحالية ، وتعزيز الشعور بان الخريطة الاسرائيلية للبنية العسكرية والصناعية والعلمية ليست غائبة عن رادرات التخطيط الايراني.
6- لم ينجح نيتنياهو في جر امريكا للانخراط في المعركة خارج نطاق الدعم اللوجستي، بل إن تصريحات ترامب والرئيس الروسي بوتين توحي ان السعي منهما للجم المواجهة ارجح من السعي لتوسيعها ، فقد تدوم مدة اطول زمنيا ،لكنهما اميل للتنسيق بينهما باتجاه عدم تجاوز نطاقها الجغرافي الحالي.
7- ثمة تقديرات مستقبلية يتوجسها بعض الخبراء الاسرائيليين(ولكن دون مبالغة) وهي ان عمق الانكشاف العربي الرسمي (استمرار التطبيع والحفاظ على العلاقة مع اسرائيل والالتزام بالتبعية للقيادة المركزية للقوات الامريكية ) يزيد ولو بهدوء من الحنق والاحتقان الشعبي العربي على النظم الرسمية ،وهو امر قد يصل الى حد الاضطراب في دول مركزية ، مما قد يغير المشهد كليا او جزئيا باتجاه العودة الى النزوع الصراعي ضد اسرائيل.
8- ان الأداء الإيراني حتى الآن بدأ يوثر ايجابيا على صورة إيران السلبية في » بعض » الذهن العربي، بل جعل النقاش لصالح إيران في المناقشات العامة العربية يحرج خصوم إيران أكثر فأكثر، وهو امر يفسد على اسرائيل وبعض الغرائزيين العرب حجتهم.
اخيرا ليس هناك من معركة في التاريخ فيها مكسب مطلق ، لكن الحكم هو على التناسب بين حجم المكاسب وحجم الخسائر، مع عدم التسرع في الحكم لأننا ما زلنا عند السؤال الأول في هذا الامتحان..ربما.
وليد عبد الحي
-
Moon of Alabama-La tentative de Trump de faire peur à l’Iran pour qu’il impose des restrictions nucléaires échouera

La tentative de Trump de faire peur à l’Iran pour qu’il impose des restrictions nucléaires échouera par Moon of Alabama
Certains bruits courent selon lesquels une attaque israélienne et/ou américaine contre l’Iran est imminente. Je considère cela comme une propagande visant à faire pression sur l’Iran et non comme une véritable préparation à une guerre.
Israël souhaite que les États-Unis détruisent l’Iran. Ce serait le dernier des sept pays visés par le plan de destruction quinquennal que les États-Unis avaient activé, sous l’impulsion d’Israël, en 2003.
Le président Donald Trump souhaite éviter une guerre avec l’Iran. Il n’y a rien à gagner. Mais il subit la pression du lobby sioniste. Au lieu de bombarder l’Iran, il préférerait stopper son programme nucléaire civil. Son existence fait de l’Iran un État doté de l’arme nucléaire latente. L’Iran nie chercher à se doter de l’arme nucléaire. Les services de renseignement américains ont découvert que l’Iran ne dispose actuellement d’aucun programme susceptible de lui permettre de se doter de capacités nucléaires.
C’est Trump qui, en 2018, a retiré les États-Unis du Plan d’action global commun (PAGC), qui limitait l’industrie nucléaire iranienne et la plaçait sous stricte surveillance. L’Iran a attendu un an avant de prendre des mesures de rétorsion en augmentant l’enrichissement de son combustible nucléaire et en réduisant sa coopération avec les inspecteurs de l’AIEA qui supervisent le respect du PAGC par l’Iran.
De retour au pouvoir, Trump s’est engagé à pousser l’Iran vers un nouvel accord qui, espérait-il, éliminerait tout enrichissement de combustible nucléaire en Iran. Or, il est impossible d’y parvenir. L’enrichissement nucléaire est un droit inaliénable de toute nation en vertu du Traité sur la prolifération nucléaire, et l’Iran insiste pour ne pas en être empêché.
Trump a opté pour une stratégie à deux volets. Il inciterait l’AIEA et les cosignataires européens du JCPOA à condamner l’Iran, dans la perspective d’un rétablissement des sanctions imposées par l’ONU à son encontre. Il proposerait également à l’Iran un nouveau type de JCPOA pour limiter à nouveau ses capacités de développement nucléaire.
Trump avait envoyé son émissaire Steve Witkoff pour inciter l’Iran à conclure un nouvel accord. Il a cependant bafoué les contraintes que l’Iran devait accepter. Witkoff a annoncé aux Iraniens qu’ils seraient autorisés à enrichir l’uranium à 3,6 %, selon les besoins d’un réacteur nucléaire civil. Quelques jours plus tard, Trump a ordonné que ce taux soit de 0 %, c’est-à-dire aucun enrichissement. La situation a fait l’objet de plusieurs allers-retours.
Le JCPOA était un accord très bien équilibré et très technique, dont la conclusion a pris plusieurs mois. L’offre de Trump à l’Iran est un « JCPOA à un dollar », incomplet et comportant de nombreuses clauses que l’Iran n’accepterait jamais.
Trump a rendu les négociations encore plus difficiles lorsqu’il a publiquement exigé de l’Iran une capitulation complète :
Le président a exposé sa vision d’un nouvel accord lors d’une conférence de presse à la Maison Blanche mercredi, appelant à un « document très fort » qui donnerait effectivement carte blanche à Washington sur le programme d’énergie nucléaire de Téhéran.
« Je veux une loi très stricte – où nous pouvons intervenir avec des inspecteurs, prendre tout ce que nous voulons, faire exploser tout ce que nous voulons, mais sans que personne ne soit tué », a-t-il déclaré aux journalistes. « Nous pouvons faire exploser un laboratoire, mais il n’y aura personne dans le laboratoire, contrairement à tout le monde qui y sera et le fera exploser. »
Il n’a toutefois pas développé ces propos, laissant planer le doute sur la réelle volonté de Washington d’obtenir des concessions aussi importantes à la table des négociations. Il est peu probable que la République islamique accepte un accord dans ces conditions.
L’Iran a répondu de manière appropriée ( archivé ) :
Ce week-end, l’administration Trump a proposé les grandes lignes d’un accord qui semblerait permettre à l’Iran de poursuivre l’enrichissement de l’uranium, point de blocage des négociations – mais seulement temporairement. Les négociations étant dans l’impasse, cette proposition a été perçue comme une concession potentielle susceptible d’ouvrir la voie à un compromis.
Dans ses premières déclarations publiques depuis que la proposition a été rapportée, l’ayatollah Khamenei a déclaré que la « réponse de l’Iran aux absurdités du gouvernement américain est claire ».
Il a déclaré dans un discours qu’il serait « inutile » pour l’Iran de construire des centrales nucléaires sans pouvoir enrichir de l’uranium à long terme, qualifiant la proposition américaine de tentative d’entraver l’industrie nucléaire et l’autonomie de l’Iran.
En l’absence de perspective d’un accord, l’attention s’est portée sur la deuxième étape de la stratégie de Trump.
Le rétablissement des sanctions de l’ONU contre l’Iran, telles qu’elles existaient avant le JCPOA, est également complexe. Mais la pression exercée sur les acteurs concernés a permis à Trump d’agir.
Le directeur de l’AIEA rend régulièrement compte au Conseil des gouverneurs de l’AIEA de ses vérifications et de son suivi des questions nucléaires en Iran.
Dans son dernier rapport, le directeur général de l’AIEA, Rafael Grossi, a répété des faits bien connus depuis plus de 20 ans, mais est parvenu à de nouvelles « conclusions » à leur sujet :
Bien que de nombreuses conclusions concernent des activités remontant à plusieurs décennies et aient été formulées avant , celles du rapport de l’AIEA sont plus définitives. Il résume les évolutions des dernières années et pointe plus clairement vers des activités coordonnées et secrètes, dont certaines sont liées à la production d’armes nucléaires.
L’AIEA a également souligné que la coopération de l’Iran avec l’AIEA restait « moins que satisfaisante » à plusieurs égards. L’AIEA cherche toujours des explications concernant les traces d’uranium découvertes il y a des années sur deux des quatre sites qu’elle étudie. Trois d’entre eux ont servi de cadre à des expériences secrètes, a-t-elle constaté.
L’AIEA a conclu que « ces trois sites, et d’autres sites potentiellement liés, faisaient partie d’un programme nucléaire structuré non déclaré mené par l’Iran jusqu’au début des années 2000 et que certaines activités utilisaient des matières nucléaires non déclarées », indique le rapport.
L’Iran insiste sur le fait qu’aucun incident nucléaire ne s’est jamais produit sur ces sites et que si des traces de matières radioactives y ont été trouvées, elles ont dû y être placées.
L’Iran a d’ailleurs de sérieuses raisons de ne pas faire confiance à Grossi :
The Cradle @TheCradleMedia –
DERNIÈRES NOUVELLES | Des documents divulgués par les médias iraniens révéleraient que le directeur général de l’Agence internationale de l’énergie atomique (AIEA), Rafael Grossi, a pleinement coordonné ses actions avec Israël et a appliqué ses directives.
Ces fichiers font partie de la cache de renseignements sensibles que l’Iran a récemment saisie à Israël.
Suite au dernier rapport de Grossi, les mandataires des États-Unis au Conseil des gouverneurs de l’AIEA ont déclaré que l’Iran manquait à ses obligations :
Le Conseil des gouverneurs de l’AIEA, composé de 35 pays, a déclaré jeudi que l’Iran avait manqué à ses obligations en matière de non-prolifération, pour la première fois depuis près de 20 ans, ce qui soulève la possibilité de le signaler au Conseil de sécurité de l’ONU….Des diplomates présents à la réunion à huis clos ont déclaré que le Conseil avait adopté la résolution soumise par les États-Unis, la Grande-Bretagne, la France et l’Allemagne avec 19 pays pour, 11 abstentions et trois États – la Russie, la Chine et le Burkina Faso – contre….Le texte, vu par Reuters, déclare que l’Iran a manqué à ses obligations compte tenu d’un rapport accablant que l’AIEA a envoyé aux États membres le 31 mai.
« Le Conseil des gouverneurs… estime que les nombreux manquements de l’Iran à ses obligations depuis 2019 de fournir à l’Agence une coopération complète et opportune concernant les matières et activités nucléaires non déclarées dans de multiples emplacements non déclarés en Iran… constituent un non-respect de ses obligations en vertu de son accord de garanties avec l’Agence », indique le texte.
Un problème central est l’incapacité de l’Iran à fournir à l’AIEA des explications crédibles sur la façon dont les traces d’uranium détectées sur des sites non déclarés en Iran se sont retrouvées là, malgré les années d’enquête de l’agence sur la question.
L’audace est de mise. Les États-Unis, le Royaume-Uni, l’Allemagne et la France accusent l’Iran de ne pas respecter le JCPOA, que les États-Unis avaient abrogé en 2018 et que les Européens ont refusé de respecter en maintenant des restrictions à l’exportation contre l’Iran.
Tout cela à cause de prétendues traces de matières nucléaires trouvées dans des endroits qui auraient été utilisés il y a plus de vingt ans.
Il n’y avait aucune raison pour que Grossi publie cette information maintenant ou pour que le Conseil des gouverneurs y réagisse, si ce n’est la pression des États-Unis pour reconstruire un chemin vers des sanctions de l’ONU.
L’Iran a immédiatement réagi , comme il l’avait annoncé précédemment, à la conclusion du Conseil :
L’Iran a condamné une résolution « à motivation politique » adoptée par le Conseil des gouverneurs de l’Agence internationale de l’énergie atomique (AIEA), affirmant qu’il construirait une nouvelle installation d’enrichissement dans un endroit sûr….Le nouveau site remplacera les machines d’enrichissement de première génération de l’installation nucléaire de Fordow par des machines avancées de sixième génération, a-t-il souligné.
La prochaine étape consisterait pour l’un des cosignataires européens du JCPOA à soumettre la résolution du Conseil des gouverneurs au Conseil de sécurité de l’ONU. Cela pourrait entraîner une réactivation des sanctions internationales contre l’Iran, suspendues par la résolution 2231 de l’ONU lors de l’approbation du JCPOA.
L’Iran a déclaré qu’il réagirait à une telle mesure en quittant le Traité de non-prolifération nucléaire. Cela lui permettrait, après un an, de se doter d’armes nucléaires sans aucune restriction juridique.
Parallèlement à l’action de l’AIEA, une campagne d’information bien coordonnée a été lancée pour créer l’impression d’une attaque imminente contre l’Iran :
En mettant tout le monde sur les nerfs et en quête de perspicacité, l’administration Trump a émis mercredi des ordres d’évacuation pour le personnel non essentiel de l’ambassade américaine en Irak et de ses installations diplomatiques à Bahreïn et au Koweït.
Le secrétaire à la Défense, Pete Hegseth, aurait également déclaré à FOX News qu’il y aurait un départ volontaire des familles des militaires servant dans la zone d’opérations du Commandement central (CENTCOM) au Moyen-Orient.…Parallèlement, l’Agence britannique de sécurité maritime (UKMTO), Opérations commerciales maritimes du Royaume-Uni, a émis son propre avertissement « inhabituel », évoquant une « tension régionale croissante » susceptible de menacer les navires dans la région.…Mercredi soir, les médias spéculaient largement sur l’inquiétude de l’administration face à une frappe imminente d’Israël contre l’Iran. Interrogé sur l’évolution de la situation lors d’un événement au Kennedy Center, Trump a reconnu que des citoyens américains étaient expulsés du Moyen-Orient, déclarant : « Cela pourrait être un endroit dangereux. … Nous avons donné notre préavis de départ ; nous verrons ce qui se passera. »
« Nous observons la situation et sommes inquiets », a déclaré un haut diplomate de la région au Washington Post. « Nous pensons que la situation est plus grave que jamais auparavant. »
Tout cela pour donner l’impression qu’Israël est hors de contrôle :
Israël envisage de prendre des mesures militaires contre l’Iran – probablement sans le soutien des États-Unis – dans les prochains jours, alors même que le président Donald Trump est en discussions avancées avec Téhéran au sujet d’un accord diplomatique visant à réduire son programme nucléaire, selon cinq personnes au courant de la situation.
Israël est devenu plus sérieux quant à une frappe unilatérale contre l’Iran alors que les négociations entre les États-Unis et l’Iran semblent plus proches d’un accord préliminaire ou cadre qui comprend des dispositions sur l’enrichissement de l’uranium qu’Israël considère comme inacceptables.
Les détails des discussions israéliennes ont été révélés avant que le conseil des gouverneurs de l’Agence internationale de l’énergie atomique ne constate officiellement que l’Iran ne respecte pas ses obligations nucléaires pour la première fois en 20 ans.
Israël n’a pas les moyens d’attaquer l’Iran. Bombarder efficacement les installations nucléaires iraniennes est extrêmement difficile . Même leur destruction ne ferait que retarder, et non entraver, la poursuite du programme nucléaire iranien.
Les rumeurs d’une attaque contre l’Iran ne sont probablement qu’une propagande alarmiste visant à contraindre l’Iran à accepter les exigences absurdes de Trump concernant les restrictions de son programme nucléaire. Il est peu probable que l’Iran y succombe.
Toute tentative unilatérale d’Israël aurait pour seul but d’entraîner les États-Unis dans une guerre contre l’Iran.
Trump souhaite une baisse des prix du pétrole et la liberté de poursuivre ses objectifs intérieurs. Je doute fortement qu’il laisse Israël l’entraîner dans une guerre, car il n’a rien à y gagner.
Publié par b le 12 juin 2025 à 16h46 UTC | Lien permanent
-
Ahmad Ibsais-Le cœur génocidaire de la société israélienne

Le cœur génocidaire de la société israélienne par Ahmad Ibsais
La fiction commode selon laquelle Benjamin Netanyahu serait le seul responsable du génocide à Gaza s’effrite, et ce qui se cache derrière est bien plus terrifiant que la malveillance d’un seul homme. C’est la révélation d’une société entière qui, pendant des décennies, a nourri et normalisé la déshumanisation des Palestiniens à un point tel que le génocide est devenu non seulement acceptable, mais populaire.
Lorsque 82 % des Israéliens soutiennent l’expulsion forcée des Palestiniens de Gaza, nous ne sommes pas témoins des machinations d’un seul leader extrémiste. Lorsque 47 % approuvent le massacre biblique de Jéricho – où « tous les habitants » ont été tués – comme modèle d’action militaire, nous sommes face à l’abîme d’un effondrement moral collectif. Lorsque 56 % souhaitent que les citoyens palestiniens d’Israël soient expulsés de leur propre patrie, nous sommes confrontés à l’ADN génocidaire d’un projet colonialiste qui a finalement abandonné son vernis libéral.
Ces chiffres, révélés par un sondage de l’université Penn State, ne sont pas des anomalies. Ils sont l’aboutissement logique de 75 ans de déshumanisation systématique qui n’a pas commencé avec l’arrivée au pouvoir de Netanyahu, mais avec la fondation même de l’État. Ce n’est pas « la guerre de Netanyahu », c’est le génocide d’Israël, et cela fait des décennies qu’il se prépare.
Considérez l’ironie perverse : alors que les progressistes occidentaux comme Bernie Sanders et Elizabeth Warren s’empressent de rejeter la faute sur un seul homme, la société israélienne elle-même est allée bien au-delà de ce bouc émissaire commode. Le sondage révèle que même parmi les juifs laïques – ceux qui sont censés représenter la conscience libérale d’Israël – 70 % soutiennent le nettoyage ethnique de Gaza. Parmi les religieux, ce chiffre atteint le chiffre stupéfiant de 97 %. Il ne s’agit pas d’une déviation politique, mais d’un consensus idéologique.
Ce à quoi nous assistons, c’est le démasquage final du projet sioniste. Pendant trop longtemps, le monde s’est laissé convaincre par le mythe qu’Israël est une démocratie progressiste détournée par des extrémistes. Mais lorsque le ministre des Finances Bezalel Smotrich déclare ouvertement son intention d’« éliminer la descendance d’Amalek » et parle de « concentrer » les Palestiniens dans le sud avant de les expulser « en grand nombre vers des pays tiers », il ne s’écarte pas des valeurs israéliennes, il les exprime avec une honnêteté sans précédent.La rhétorique religieuse est particulièrement révélatrice. Lorsque 65 % des Juifs israéliens croient en un « Amalek » moderne – l’ennemi biblique que Dieu a ordonné aux Israélites d’exterminer « jusqu’au dernier bébé » – et que 93 % d’entre eux appliquent ce commandement aux Palestiniens d’aujourd’hui, nous ne sommes pas en présence d’un discours politique. Nous sommes confrontés à un génocide théologique, où le nettoyage ethnique devient un mandat divin.
C’est cette société qui a produit non seulement Netanyahu, mais tous les dirigeants israéliens qui ont supervisé l’étranglement progressif de la vie palestinienne. C’est cette société qui a applaudi lorsque Golda Meir a déclaré en 1969 que « il n’y a pas de Palestiniens ». C’est cette société qui a passé des décennies à perfectionner l’art de rendre l’existence palestinienne impossible tout en conservant une façade de respectabilité démocratique.
On ne saurait trop insister sur le caractère systématique de cette déshumanisation. Les enfants israéliens sont élevés dans un système éducatif qui a subi ce que les chercheurs décrivent comme un « processus de radicalisation » depuis le début des années 2000. Ils grandissent en consommant des médias qui appellent régulièrement à l’expulsion et au meurtre des Palestiniens. Ils servent dans une armée qui considère la vie des Palestiniens comme sacrifiable. Faut-il s’étonner que seuls 9 % des hommes juifs de moins de 40 ans – ceux qui commettent les violences – rejettent les idées d’expulsion et d’extermination ?
Ce qui rend cela particulièrement effrayant, c’est que ce consensus génocidaire traverse tous les secteurs de la société israélienne. La gauche laïque qui protestait autrefois contre les réformes judiciaires de Netanyahu reste largement silencieuse quand son armée affame deux millions de personnes. Les kibboutzim que les progressistes occidentaux idéalisent comme des utopies socialistes ont été construits sur les ruines de villages palestiniens. La démocratie qu’Israël prétend défendre ne s’est jamais étendue aux millions de Palestiniens vivant sous son contrôle.
Le moment présent ne représente pas une aberration, mais une accélération. Le projet de Trump visant à « nettoyer » Gaza et à la transformer en une « Riviera » peuplée d’« internationaux » correspond parfaitement au fantasme israélien d’une Palestine sans Palestiniens. Lorsque Netanyahou annonce que les forces israéliennes ne « rentreront plus et ne sortiront plus », mais maintiendront au contraire un contrôle permanent sur les territoires occupés, il ne fait que rendre explicite ce qui a toujours été implicite dans le projet sioniste.La réponse de la communauté internationale – ou plutôt son absence de réponse – ne fait que renforcer cette trajectoire génocidaire. Lorsque les États-Unis continuent de fournir des armes alors que les responsables israéliens discutent ouvertement de plans de nettoyage ethnique, lorsque les dirigeants européens expriment leur inquiétude tout en maintenant des contrats d’armement lucratifs, lorsque les politiciens progressistes rejettent toute la responsabilité sur Netanyahu tout en permettant d’absoudre la société qui l’a produit et le soutient, ils se rendent complices de la machine d’extermination.
Les sondages révèlent quelque chose d’encore plus inquiétant que les chiffres eux-mêmes : l’absence totale de l’humanité palestinienne dans la conscience israélienne. Lorsque l’on interroge les Israéliens sur le fait de tuer « tous les habitants » des villes ennemies, on ne leur pose pas de questions sur la stratégie militaire, mais sur l’extermination d’êtres humains. Lorsqu’on leur pose des questions sur « l’expulsion forcée », on leur pose des questions sur la destruction de familles, de communautés et de modes de vie entiers. Le fait que la majorité soutient systématiquement ces mesures suggère que les Palestiniens ne sont tout simplement pas considérés comme des êtres humains à part entière dans l’imaginaire israélien.
Cette déshumanisation n’est pas accidentelle, elle est fondamentale.
Un projet colonial qui nécessite l’effacement d’une population indigène ne peut se permettre de reconnaître l’humanité de cette population. La dissonance cognitive serait insupportable.Au lieu de cela, les Palestiniens doivent être transformés en menaces existentielles, en ennemis bibliques, en problèmes démographiques à résoudre. Nous devons devenir tout sauf ce que nous sommes : un peuple ayant le même droit à la vie, à la dignité et à l’autodétermination que n’importe qui d’autre.
Mais peut-être que l’accusation la plus accablante contre cette déshumanisation systématique n’est pas ce qu’elle révèle sur la société israélienne, mais ce qu’elle expose sur le monde occidental dans son ensemble, qui la rend possible. Même si le nombre de morts à Gaza dépasse les 62 000 Palestiniens – les estimations suggérant que le nombre réel pourrait dépasser les 80 000 si l’on tient compte des sous-estimations –, même si 57 enfants sont morts de malnutrition depuis mars seulement, même si 71 000 enfants de moins de cinq ans devraient souffrir de malnutrition aiguë au cours de l’année prochaine, la réponse occidentale reste une indifférence calculée déguisée en préoccupation. Alors que les trois quarts de la population de Gaza sont confrontés à une privation alimentaire urgente ou catastrophique, que 15,6 % des enfants de moins de deux ans dans le nord de Gaza souffrent de malnutrition aiguë, que des bébés meurent de faim tandis que leurs mères s’effondrent de faim, la principale préoccupation de l’Occident reste le « droit d’Israël à se défendre ». Il ne s’agit pas d’un calcul politique, mais de l’arithmétique du racisme, de la logique froide qui détermine qui est considéré comme un être humain et qui ne l’est pas.
La tragédie ne réside pas seulement dans ce que cela révèle de la société israélienne, mais dans ce que cela présage pour notre avenir. Lorsqu’une société atteint ce niveau de consensus génocidaire, lorsque le nettoyage ethnique devient une politique populaire plutôt qu’un fantasme extrémiste, lorsque le langage religieux est utilisé pour justifier des meurtres de masse, nous ne sommes pas confrontés à un problème qui peut être résolu en changeant de dirigeants ou en réformant les institutions. Nous sommes confrontés à une société qui a fondamentalement perdu ses repères moraux.
La communauté internationale ne peut plus se cacher derrière le mythe selon lequel il s’agit d’un mauvais dirigeant ou d’un extrémisme temporaire.
Les sondages montrent clairement qu’il s’agit de la logique d’un projet colonial qui a finalement atteint sa conclusion inévitable : l’élimination complète de la présence palestinienne sur le territoire. La seule question qui se pose désormais est de savoir si le monde continuera à permettre cette solution finale ou s’il finira par la reconnaître pour ce qu’elle est et agira pour y mettre fin.
Car si l’histoire nous a appris quelque chose, c’est que les sociétés capables d’un tel consensus génocidaire ne retrouvent pas spontanément leur humanité. Il faut les arrêter.
Ahmad Ibsais -
الطاهر المعز-دَهالِيز الدّيمقراطية الأمريكية

دَهالِيز الدّيمقراطية الأمريكية – الجزء الأول : الطاهر المعز
من « مناهضة الشيوعية » إلى « لنجعل أمريكا قوية مرّة أخرى »
قال السيناتور الديمقراطي عن ولاية نيفادا بات ماكاران ( 1884 – 1972)، سنة 1950، خلال فترة الحرب الباردة، إنه يريد إنقاذ الولايات المتحدة من الشيوعية و »المصالح اليهودية »، وقدم مشروع قانون الجنسية ( تشديد شروط الحصول على الجنسية الأمريكية) والهجرة ( تقنين الإستغلال الفاحش للمُهاجرين والمهاجرات، بمن في ذلك الأطفال) سُمِّيَ، بعد إقراره من قِبَل الكونغرس سنة 1952، « قانون ماكاران-والتر »، وقانون الأمن الداخلي المكمل له لعام 1950 (المعروف أيضاً باسم قانون ماكاران )، وهي مجموعة قوانين قَمْعِيّة أدّى تطبيقها إلى موجة من الملاحقات السياسية للزعماء التقدميين الذين أرهقتهم المعارك القضائية ماليا ونفسانيا، وعانوا من السجن ومن التّرحيل الجماعي، مما دفع السيناتور هيوبرت همفري ( 1911 – 1978) إلى القول إن الترحيل دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة « سيكون بداية لدولة بوليسية ».
إن القرارات والتّدابير التي اتّخذها دونالد ترامب شبيهة بتلك القوانين أو هي مستوحاة منها، في مناخ يُذَكِّرُ بفترة الحرب الباردة، من ملاحقة وترحيل المُهاجرين باعتبارهم « تهديدًا للنظام الإجتماعي » وقَضْم الحقوق السياسية والإجتماعية، والهستيريا السّائدة، واستبعاد طلبة وسائحي وعُمال العديد من البلدان من تأشيرة الدخول إلى الولايات المتحدة، واستخدام إجراءات « الإبعاد السريع »، والذي يحرم الشخص من جلسات المحكمة في قضايا الترحيل ما لم يتمكن من إثبات أنه كان متواجدًا لأكثر من عامين، ويعيد أمر تنفيذي آخر إحياء قانون تسجيل الأجانب لعام 1940-1944، وجَعَلَ عدم الإعلام عن الأجانب أو عدم سعي الأجانب للوشاية بأنفسهم جناية، وتهدد إدارة ترامب بتحويل جميع المهاجرين إلى مجرمين من خلال « جريمة » عدم التسجيل »، كما منع حظر سياسي (بقي ساريًا حتى سنة 1990) الشيوعيين المُفْتَرَضِين من دخول الولايات المتحدة، وتم تطبيقه بشراسة خاصة على الشعراء – من الشاعر الجنوب أفريقي دينيس بروتوس إلى الشاعر التشيلي بابلو نيرودا والشاعر الفلسطيني محمود درويش، كما مُنع غابرييل غارسيا ماركيز، الذي تم تحويل روايته » مائة عام من العزلة » إلى عمل تلفزيوني ناجح على شبكة نتفليكس، من دخول الولايات المتحدة باعتباره شيوعيًا بعد حصوله على جائزة نوبل، وتم اتهام العديد من المُقيمين الأجانب بالتّخْرِيب، وأيدت المحكمة العليا سنة 1952 ترحيل روبرت جالفان، وهو عامل مكسيكي عاش في الولايات المتحدة منذ كان في سن السابعة من عمره سنة 1918، وتزوج من مواطنة أمريكية وأنجب أربعة أطفال وأثناء الحرب العالمية الثانية، عندما كانت الولايات المتحدة حليفة للاتحاد السوفييتي، كان ينتمي إلى الحزب الشيوعي لمدة عامين، وهو حزب سياسي قانوني آنذاك، ومع ذلك تم ترحيله، ولا يزال يُشكّل الإنتماء إلى الحزب الشيوعي سبباً كافياً لرفض طلب الحصول على الجنسية الأمريكية، بذريعة « الإنتماء إلى « منظمات إرهابية أجنبية ».
تم استخدام ذريعة « الأمن القومي » لتأسيس مجلس مراقبة الأنشطة التخريبية، وبناء معسكرات اعتقال، ويحاول دونالد ترامب تحديث وتَحْيِين تلك القوانين والإجراءات ( بما فيها التي تم إلغاؤها لاحقًا بسبب عدم ملاءمتها لبنود الدّستور) وأصبح الاعتصام أمام محكمة فيدرالية جريمة جنائية، حيث منعت القوات الفيدرالية المتظاهرين في بورتلاند من التواجد أمام المبنى الفيدرالي، خلال الإدارة الأولى لدونالد ترامب، استنادًا إلى نفس القوانين، كما تم استخدام ذريعة الأمن القومي لرفض تأشيرات الدّخول إلى الولايات المتحدةَ
أقرت الولايات المتحدة سنة 1924 قانون الهجرة المُسمّى « قانون استبعاد اليابانيين »، وهو يُقصي جميع الآسيويين من دخول الولايات المتحدة التي اضطرّ حُكّامها إلى التّخلِّي عن تطبيق هذا القانون خلال الحرب العالمية الثانية، نظرًا لحاجتها للعاملين لتعويض الشبان الذين التحقوا بالجيش خلال الحرب، وبعد الحرب، تم تحديد الحصص سنة 1952، فكانت حصة الصين والهند وكل دولة آسيوية مائة شخص سنويًا، فيما بلغت حصة ألمانيا التي أشعلت الحرب 25814 شخصًا، وحصة بريطانيا 65361 شخصًا، أي إن تحديد الحصص كان إيديولوجيًّا وعُنْصُريًّا، تمامًا مثل الأوامر التنفيذية التي أصدرها ترامب خلال فترة إدارته الأولى بشأن تقْيِيد دخول الأشخاص من سبع دول إسلامية وهي القرارات التي أيدتها المحكمة العليا، مما شجّعَ دونالد ترامب على إصدار أمر تنفيذي جديد، في بداية ولايته الثانية بمنع دخول الأشخاص من 12 دولة، ويتعين على أي شخص يتقدم بطلب للحصول على أي نوع من التأشيرات من أي مكان أن يدعم « القيم الأيديولوجية » الأميركية، مما يعني الإرتباط العضوي بين القمع السياسي وتطبيق قوانين الهجرة وعمليات الترحيل الجماعي، كما حصل خلال منتصف القرن العشرين حيث اتهمت دائرة الهجرة والتجنيس العائلات بتزوير وثائق الأبناء، وتم إلغاء وثائق إقامة المُهاجرين المُستهدَفين وسجنهم وترحليهم، كما استهدفت إجراءات الترحيل ذات الدوافع السياسية مناضلين تقدّميين باسم مكافحة الشيوعية ( قبل فترة المكارثية) ويتكرّر الأمر اليوم باسم مكافحة الإرهاب، وتم استخدام نفس الإجراءات ( قانون الأمن الدّاخلي) ضد المنظمات التقدمية والنقابات خلال عُقُود ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين، ووَثَّق شريط » بدلة زوت » ( إخراج لويس فالديز 1981 ) الذي يمزج الوثائق بالخيال، عمل اللجنة الأمريكية لحماية المولودين في الخارج، التي أسسها الحزب الشيوعي، في مكافحة التهم التي وجهتها الشرطة للشباب المكسيكي في لوس أنجلوس في قضية سليبي لاجون، ومُقاومة موجات التّرحيل.
تشترك الأوامر التنفيذية التي أصدرها دونالد ترامب ( وفقا لشعار « لنجعل أمريكا قوية مرة أخرى – Make America Great Again « MAGA » ) مع قوانين ماكاران في الأهداف المتمثلة في تقسيم العاملين إلى مواطنين وأجانب، وشق صفوف التقدميين والنقابيين والمُدافعين عن الحقوق المدنية والدّيمقراطية، وعرقلة اتحاد مختلف الفئات المتضررة من السياسات الرأسمالية، ولا يقتصر الدّرس على التكرار التاريخي ( هل يُمكن للتاريخ أن يُعيدَ نفسه؟) لأن هذه الإجراءات تستهدف التقدميين والنقابات وكسر التحالفات بين المهاجرين والحركات التقدمية والمدافعين عن الحقوق السياسية والمدنية، وتُعزِّزُ مواقع اليمين المتطرف العُنْصُرِي…
دَوْر المال في إدارة شؤون الدولة والمجتمع
تَدّعي السّلطات ووسائل الإعلام الأمريكية إن الولايات المتحدة مَهْد الدّيمقراطية النابضة بالحياة، ( خلافًا لخصومها مثل الصّين أو روسيا على سبيل المثال ) غير إن الحزبَيْن الأمريكيّيْن مُتّفقيْن « على الإثم والعدوان » وعلى الإستغلال والإضطهاد وقَمْع الأصوات المُناهضة للإحتكارات، وابتعد الحزبان اللّذَيْن تقودهما نُخْبَة مُحترِفَة لها نفس العقيدة ونفس السياسة الخارجية وتختلف في بعض تفصيلات السياسات الدّاخلية، لكن كِلتا القيادَتَيْن النُّخْبَوِيّتَيْن منفصلة عن الحياة اليومية لمعظم المواطنين، مما مَكّنَ مجموعات الضّغط التي تُموّلها الشركات الإحتكارية والمُجَمّع الصناعي العسكري من كسب نُفُوذ في الكونغرس وفي الحياة السياسية الأمريكية يُضاهي أو يفوق نفوذ الأحزاب والنّقابات وما سُمِّي « المُجتمع المَدَنِي »، ويُقدّم ديديس كيو مؤلف كتاب « التراجع الكبير: كيف يُقوّض تراجع الأحزاب السياسية الديمقراطية الأمريكية » – 2025 ( The great retreat : How political parties should behave and they don’t – Didi KUO – 2025 ) ) فَرَضِيّةً مفادها أن الأحزاب السياسية القوية لا غنى عنها لتجاوز العقبات التي تعترض « صِحّةَ الديمقراطية »، فالأحزاب ذات التنظيم الداخلي القوي، والروابط الوثيقة بمختلف مُكونات المجتمع، والبرامج المتماسكة أيديولوجيًا التي تعكس مصالح سُكّان دوائرها الانتخابية الأساسية، تُعدّ أساسيةً لوقف موجة الإستبداد ( الذي يُعَدُّ تَقْويضًا لأسس الديمقراطية) وإعادة تأكيد السيطرة الديمقراطية على اقتصادٍ يهيمن عليه المليارديرات والأثرياء بشكل متزايد، « ديدي كيو » إن الأزمة الحقيقية لا تكمن في التحزب المفرط، بل في تفريغ الأحزاب من محتواها، وإنه يجب إعادة بناء الأحزاب كوسطاء بين المواطنين والدولة للدفاع عن الديمقراطية واستعادة سيطرة المواطنين على الرأسمالية، ويُشير إن الأحزاب السياسية تاريخيًا كانت تَبْنِي منظمات مدنية وطبقية، ثقافية ورياضية ونقابية، تُساعدها على خوض الانتخابات والإندماج في المجتمعات المحلية لإبلاغ المعلومات إلى المواطنين عمّا تقوم به الحكومة ( أو ما تعتزم القيام به) نيابةً عنهم، ولإبلاغ أصوات ومطالب واحتجاجات المواطنين إلى مؤسسات الدولة، وبذلك تمكنت الأحزاب من معرفة احتياجات ومشاغل وآمال وطموحات المواطنين ( النّاخبين ) لتعزيز ولائهم السياسي خلال الدورات الانتخابية، وبذلك تكتسب الأحزاب قاعدة شعبية، وتمكّنت أحزاب اليسار والنقابات من ترسيخ مبدأ التفاوض الجماعي بين العمال والرأسماليِّين، وتوسيع نطاق الضمان الاجتماعي، وأشكال إعادة التوزيع والتخطيط الاقتصادي لتخفيف وطأة السوق الحرة، غير إن الرأسمالية تمكّنت من افتكاك هذه المكتسبات بمجرّد تراجُع اليسار والحركة النقابية في الولايات المتحدة وأوروبا، وتحوّل الأحزاب التي كانت تعمل سابقاً كمنظمات جماهيرية مندمجة في المجتمع المدني، إلى آلة انتخابية تُديرها نخبة منعزلة عن الحياة اليومية لمعظم المواطنين، وبذلك تركت الأحزاب المكان لجماعات المَصالح و »الجهات المانحة » التي أسّست مراكز الدّراسات والبُحوث ووسائل الإعلام النّافذة ومجموعات الضّغط، ولم يكن هذا التّحوّل طبيعيا بل نتيجة تحوّلات وخيارات استراتيجية، خصوصًا منذ العقْدَيْن الأخيرَيْن من القرن العشرين، وتبني قادة « يسار الوسط » اقتصاد السّوق والمفاهيم ( والممارسات) الليبرالية الجديدة ( النيوليبرالية) وخصخصة الإقتصاد والخدمات باسم « الحَوْكَمَة الرشيدة » وفَرْض التّقشّف على معظم المواطنين، مما جعل من العسير التّمْيِيز بين أحزاب « اليسار » التي تتبنى برامج اقتصادية داعمة للسوق، واليمين، وأدّى تبنِّي بعض اليسار للنيوليبرالية إلى تراجع مستويات معيشة الطبقة العاملة، التي أصبحت مصالحها أقل تمثيلاً في النظام السياسي، وإلى ترك المجال لقادة اليمين المتطرف ( الفاشي ) لاجتذاب الفُقراء من خلال خطاب ديماغوجي ( شُعْبَوِي) أصبح سائدًا في جل بلدان أوروبا وأمريكا الشمالية والعديد من بلدان العالم، وتمكّن من تحويل مظالم الطبقة إلى استياء من الهجرة والتعددية الثقافية والجريمة، ومُطالبة بتشديد قبضة الشرطة وبالمزيد من قوانين الرّدع باسم « فَرْض النّظام » ومُقاومة الفَوْضى والجريمة، مع تحميل المهاجرين (الغُرَباء) مسؤولية تراجع مستوى معيشتهم، بدل مقاومة الرأسمالية وتحكّم الأثرياء في أجهزة الدّولة التي تُمارس السياسات النيوليبرالية، لأن الأثرياء يُموّلون الحملات الإنتخابية ويمتلكون وسائل الإعلام التي تُروّج للمُرَشَّحِين الذين يخدمون مصالحهم…
بلغ الإنفاق على الحملات الإنتخابية الأمريكية لسنة 2024 مليارات الدولارات لتنظيم مهرجانات مُنظّمة مُسبقًا على شاكلة الإخراج المَسْرَحي وشراء مساحات الإعلانات ذات القيمة الإنتخابية غير المؤكدة، وهي مبالغ لا يمتلكها حزب صغير أو نقابة أو جمعية خَيْرِيّة، وكان بالإمكان توجيه هذا الإنفاق إلى منظمات أهْلِيّة أو برامج رعاية صحّيّة أو محلات لإيواء للمُشرّدين وما إلى ذلك، لكن الأحزب التي تُركّز نشاطها واستراتيجيتها على الإنتخابات فقدت الصّلة بالمواطنين وبالطّبقة العاملة والفُقراء، ولم تَعُدْ جديرة بتمثيل مصالحهم أو الدّفاع عنهم…
الفقر والجوع والتّشرّد في « قاطرة الإمبريالية »
أنشأت وزارة الخارجية الأمريكية منظمة « هيومن رايتس ووتش » ( H.R.W. ) التي تُموّل نشاطها الوكالة الأمريكية للتنمية الدّولية، وتُصدر – HRW – تقارير دورية عن وضع حقوق الإنسان في العالم، وخصوصًا في الدّول المنافسة للولايات المتحدة أو التي تُعاديها، لكن من يُصدر تقارير دورية عن الفقر والقمع والإضطهاد والعُنصرية والتّشرّد والوضع داخل سجون الولايات المتحدة؟
كرّر الخطاب السياسي لليمين المتطرف في أوروبا وأمريكا الشمالية « إن المهاجرين يُشكّلون تهديدًا للنظام الإجتماعي »، ويُوَسِّع أحد الأوامر التنفيذية التي أصدرها ترامب نطاق استخدام « الإبعاد السريع »، والذي يحرم المهاجرين واللاجئين من جلسات المحكمة في قضايا الترحيل ما لم يتمكنوا من إثبات تواجدهم في الولايات المتحدة لأكثر من عامين، واستوحى دونالد ترامب هذه الأوامر من قانون تسجيل الأجانب ( 1940-1944 ) الذي أدّى سنة 1954 إلى اعتقال أكثر من مليون شخص، وأعلن توم هومان، الذي ترأس وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك (ICE) في إدارة دونالد ترامب الأولى وأُعِيدَ تعيينه خلال الرئاسة الثانية لدونالد ترامب « إن مداهمات الهجرة الجماعية ستبدأ من جديد، وسوف تشمل المدارس والكنائس والمستشفيات… »، وتهدف قرارات وحَملات دونالد ترامب تقسيم الكادحين والفقراء وتحويل الأنظار عن المشاكل الحقيقية مثل الفقر والجوع والتّشرّد وما إلى ذلك، وتحميل المهاجرين مسؤولية الكوارث الإجتماعية التي تخلقها الرّأسمالية.
الفَقْر، معضلة هيكلية وليست طارئة
أدى كساد 2008/2009 إلى زيادة مستوى الفقر وتُظهر بيانات تعداد سنة 2010 أن نصف السكان يعتبرون من الفقراء أو من ذوي الدخل المنخفض، حيث يعيش واحد من كل خمسة آلاف فرد من جيل الألفية الثالثة في فقر، وفق دليل روتليدج للفقر والذي يتوقع مُعدُّوه من الباحثين الأكاديميين ظهور أشكال جديدة ومتطرفة من الفقر في الولايات المتحدة نتيجة لسياسات التكيف الهيكلي النيوليبرالي والعولمة التي جعلت من الفِئات المُهَمَّشَة اقتصاديًا «فائضًا من السكان» الفقراء الذين يجب السيطرة عليهم وعقابهم، وأكدت العديد من الهيئات الدولية على قضايا الفقر التي تواجهها الولايات المتحدة وصَنّف تقرير لليونيسف لعام 2013 الولايات المتحدة كثاني أعلى معدل لفقر الأطفال النسبي في الدول المتقدمة، وبداية من حزيران/يونيو 2016، أشار صندوق النقد الدولي ( حزيران/يونيو 2016) إلى ضرورة معالجة ارتفاع معدل الفقر على وجه السرعة من خلال رفع الحد الأدنى للأجور وتقديم إجازة أمومة مدفوعة الأجر للنساء لتشجيعهن على دخول سوق العمل، وأجرى المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان فيليب ألستون، تحقيقًا ( كانون الأول/ديسمبر 2017 ) لمدة أسبوعين حول آثار الفقر الشامل في الولايات المتحدة، وأشار إلى ارتفاع حجم «الثروة الخاصة والبؤس العام»، خلال فترتَيْ رئاسة باراك أوباما التي جعلت الولايات المتحدة تمتلك «أسوأ معدل فقر في العالم المتقدم » وبعد أقل من ستة أشهر، صَدَرَ تقرير ألستون ( أيار/مايو 2018 ) وأبرز التقرير أن 40 مليون شخص يعيشون في فقر، وأن أكثر من خمسة ملايين يعيشون « في ظروف العالم الثالث »
انخفضت النسبة المئوية للأمريكيين الذين يعيشون في فقر وفقًا لتقييم أجراه مكتب تعداد الولايات المتحدة سنة 2018 إلى أدنى مستوياتها منذ كساد عام 2008 وبلغت 11,8% أو حوالي 38,1 مليون مواطن، وارتفع معدل الفَقْر إلى 12,6% سنة 2022، وفقاً لبيانات المسح المجتمعي الأمريكي، وبلغ معدل الفقر المتوسط بين الأطفال (أقل من 18 سنة) 16,3%، خصوصًا في ولايات الجنوب التي لم تتخلّص بَعْدُ من آثار العُبودية ( ولايات مسيسيبي وفرجينيا الغربية ولويزيانا…) حيث فاق معدّل الفقر 25%، في حين بلغ معدّل الفقر الأمريكي 10,9% بين الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 سنة فأكثر، و11,7% بين من تتراوح أعمارهم بين 18 و64 سنة، وأظهرت بيانات مكتب الإحصاء الوطني ارتفاع معدلات الفقر في الولايات المتحدة خلال سنة 2023، في حين انخفضت نسبة الأشخاص المحرومين من الحماية الصّحّية إلى حوالي 8% من العدد الإجمالي للسّكّان بفعل استمرار برنامج « ميدكيد »، وهو برنامج حكومي مخصص لذوى الدخل المنخفض، ولم يتم شطب أي شخص منذ جائحة كوفيد لكن هذه الميزة تنتهي تدريجيا.
ركز كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي، خلال الحملة الإنتخابية سنة 2024، على مكافحة الفقر، ففي حين دافع « ترامب » عن دعم الإقتصاد بواسطة خفض الضرائب على الثروات وأرباح الشركات، وأكّدت بعض الدّراسات مثل مؤسسة « بروكنغز » ارتفاع عدد المواطنين العاجزين عن تسديد ثمن الغذاء والسكن، وأظهرت أحدث البيانات الصادرة خلال شهر أيلول/سبتمبر 2024، تراجع المعدل الرسمي للفقر، غير إن 37 مليون شخص يعيشون في حالة فقر…
المُشرّدون وفاقدو المأوى
نشرت منظمة العفو الدّولية تقريرًا يُشير إلى الإرتفاع المُستمر لعدد المُشرّدين في الولايات المتحدة منذ ثمانينيات القرن العشرين، في حين يفوق عدد المساكن الفارغة عدد المشردين بخَمْس مرّات وقدّرت المنظمة عدد المشردين الأمريكيّين بنحو ستمائة ألف سنة 2014 وارتفع العدد إلى حوالي 670 ألف سنة 2024، وارتفع عدد المُشرّدين القاصِرِين في المُدُن الكبرى مثل نيويورك ولوس أنجلس وغيرها بسبب انخفاض الدّخل وارتفاع الإيجارات وغياب القوانين التي تحمي المستأجرين من أصحاب العقارات، وبدل البحث عن حلول تحمي المُشرّدين، اتخذت العديد من المدن الأمريكية قرارات تجريم المشردين وحَظْر النوم في الشوارع، والجلوس في الأماكن العامة، والتسول، والتبول (في المدن حيث المراحيض العامة شبه معدومة) والعديد من الجرائم الأخرى تم تصميمها « لمعالجة ظاهرة التّشرّد ».
غياب العدالة الجنائية
تقترن الفوارق الطّبقية المُجْحِفَة في الولايات المتحدة بالعنصرية، وعالجت مختلف الحكومات المتتالية ( من الحزب الدّيمقراطي أو الجمهوري ) نتائج الفقر بالمزيد من القمع ( قمع الشرطة وقمع القضاء ومختلف مؤسسات الدّولة ) فقد ازدادت معدلات الأحكام بالسَّجن النّافذ، وخصوصًا الأحكام التي تستهدف المواطنين السُّود بشكل غير متناسب مع نسبتهم من السّكّان، وتمتلك الولايات المتحدة رقما قياسيا بعدد المساجين ونسبتهم من السكان، وتُقدّر نسبة السكان الأمريكيين بنحو 5% من العدد الإجمالي لسكان العالم ونسبة المساجين بنحو 25% من العدد الإجمالي لمساجين العالم، ويُقدّر عدد المساجين بنحو 2,5 مليون وأكثر من مليوني آخرين قيد الإفراج المشروط والمراقبة، إضافةً إلى الأشخاص المحتجزين في السجون المحلية أو مراكز الاحتجاز، ومرافق الإصلاح للأحداث، ومرافق احتجاز المهاجرين، لأن السّلطات الأمريكية اختارت الإعتماد المُفرط على القمع من قِبَل الشرطة والقضاء، بدل الإستثمار في الإسكان والرعاية الصحية والتعليم وفق تقرير هيومن رايتس ووتش سنة 2022 الذي أشار إلى انتشار ظاهرة نشْر المعلومات الخاطئة والروايات المُضَلِّلَة بشأن « ارتفاع الجريمة وتدني مستوى السّلامة العامة » وإحجام السلطات عن إصلاح جهاز الشرطة والإستثمار في تحسين الخدمات العمومية والتعليم والصحة والإصلاحات وما يُسمّى « الاستثمارات المجتمعية »، ومن جهة أخرى ترفض معظم مراكز الشرطة الأمريكية الإبلاغ عن البيانات المتعلقة باستخدامها القوة، ما يستلزم جمع البيانات وتحليلها من قبل المنظمات غير الحكومية التي قدّرت عدد ضحايا الشرطة بين الأول من كانون الثاني/يناير و 31 كانون الأول 2023 بنحو ألف قتيل، وتُقدّر نسبة المساجين السود بنحو 43% من العدد الإجمالي للمساجين، ويُقدّر عدد الضحايا السود لرصاص الشرطة بثلاثة أضعاف الضحايا البيض، في حين لا تتجاوز نسبة السّكّان السّود 12,5% من العدد الإجمالي للسكان.
تتميز الولايات المتحدة بنظام قَمْعِي فريد، حيث لا تُميّز القوانين بين القاصرين والرّاشدين، خلافًا للمعايير القضائية الدّولية التي تُحَرّم هذه الممارسة، فضلا عن العنصرية السائدة في نظام الاعتقالات والاحتجاز السابق للتحقيق في نظام القضاء والسَّجن بعد صدور الحكم، وتظل الولايات المتحدة الدولة الوحيدة في العالم التي تحكم على القاصرين المدانين بارتكاب جرائم بقضاء عمرهم في السجن إلى أن يموتوا.
دَهالِيز الدّيمقراطية الأمريكية – الجزء الثاني
أمريكا منشأ « ديمقراطية » العبودية المُعاصرة
رغم الطّابع الشّكلِي للإنتخابات – حيث تَمّت صياغة القوانين الإنتخابية بصورة لا تسمح بتغيير جوهر النّظام في أي دولة رأسمالية متقدّمة- تُحاول السّلطات المحلية استبعاد المناضلين من أجل العدالة والمُساواة، والسود والمساجين السابقين، من سِجّل الإنتخابات، وحرمانهم من حق دستوري وقانوني، ويتم بالفعل استبعاد ملايين الأمريكيين الذي لا يتمكنون من التسجيل في القائمات الإنتخابية ومن المُشاركة في عملية التّصويت، رغم بعض القرارات والأحكام الصّادرة عن المحكمة العُلْيا بشأن « التمييز العنصري في قوانين التصويت » و « التّلاعب بالبيانات لأغراض انتخابية » وبشأن « حق الأشخاص في في التماس التعويض عن انتهاكات حقوق التصويت في محاكم الولايات »، وصدور أحكام في بعض الولايات، من بينها نيو مكسيكو و منيسّوتا، وإصدار قوانين تسمح للأفراد بالتصويت عند إطلاق سراحهم من السجن، وصدور حكم من محكمة اتحادية يُلْغِي حظر التصويت مدى الحياة في ولاية مسيسيبي للمدانين بارتكاب بعض الجنايات، ومع ذلك، أصدرت 14 ولاية على الأقل قوانين تجعل التصويت أكثر صعوبة، وفق موقع ( brennancenter ) – تشرين الأول/اكتوبر 2023
من جهة أخرى حَظَرت العديد من الولايات بعض الكُتُب والمنشورات التي يمكن اعتمادها لمناقشة حقوق الإنسان وقضايا الميز الجنسي والعُنصري، ومسائل تاريخية ( مثل إبادة الشعوب الأصلية) واجتماعية ( العبودية والعنصرية) في الفصول الدراسية وبعض المؤسسات الثقافية أو التابعة للبلديات والحكومات المحلّيّة، وأثبتت العديد من الدّراسات لُجُوء أنصار دونالد ترامب، خلال انتخابات سنة 2020، إلى انتهاكات خطيرة للحق في التصويت – ويُمثل السّود نسبة كبيرة ممّن تعرّضوا للتهديد والإقصاء – فضلا عن تهديدات وترهيب العاملين في مراكز الإقتراع ونَشْر المعلومات الخاطئة والمُضَلِّلَة، وفق وزارة العدل الأمريكية التي أطلقت 14 تحقيقًا تم تجميدها لاحقًا…
ترتبط هذه الممارسات بأساطير التّأسيس وأُسُس المجتمع الأمريكي الذي نشأ على المجازر وإبادة السّكّان الأصليّين وعلى العبودية التي لم يتم إلغاؤها سوى شكلاً، وفي الواقع لا تزال العبودية تحظى بدعم واسع النطاق بين الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء، ويمكن اعتبار السّجون ( ومؤسسات علاج الأمراض النّفسية) مقياسًا لدرجة ممارسة الدّيمقراطية في أي مجتمع، وفي الولايات المتحدة، يخضع عدد يتراوح بين 800 ألف و مليون شخص لظروف العبودية في السجون، دون احتساب الأشخاص المحتجزين في السجون المحلية أو مراكز الإصلاح للأحداث، ومرافق احتجاز المهاجرين، ويُشكل هذا النظام امتداداً لتاريخ الإبادة والعبودية والعنصرية في البلاد، وهو وسيلة لإعادة فرض العبودية في إطار قانوني يسمح بتشغيل المساجين في ظروف يمكن وصفها بالعبودية الجديدة، لأن الدستور الأمريكي يسمح « بالإستعباد غير الطّوعي كعقوبة على جريمة أدين مرتكبها بها قانونًا، في الولايات المتحدة أو في أي مكان خاضع لسلطتها القضائية »، مما يجعل العبودية إجراءً قانونيا طالما اعتُبِرَ المستعْبَدُونَ مجرمين، وبذلك لا يتمتع العاملون في السجون بأي حماية، بل تتم معاقبة المساجين الذين يرفضون العمل، كما إن استغلال العاملين في السجون يُحفّز على تجريم أكبر عدد من « البروليتاريا المَجانِية » واستخدام نظام القضاء الجنائي لإنشاء مجموعة دائمة من احتياطي العمالة المجانية، وإصدار أحكام طويلة وقاسية، وارتفعت نسبة المساجين من حوالي 93 شخصاً لكل مائة ألف سنة 1973 إلى حوالي 650 لكل مائة ألف مواطن سنة 2009، ثم ارتفع العدد بحوالي 8% سنويًّا، ويتم اعتقال وسجن السود بشكل غير متناسب مع عددهم ومع التُّهَم المُوجّهة لهم حيث « يبلغ معدل السجن للسود ستة أضعاف معدّل سجن المواطنين البيض » سنة 2023، وهم أكثر عُرْضَةً للمعاملة غير الإنسانية من الإعتقال إلى السجن…
يُفسّر المؤرخ الأسود جيرالد هورن ذلك كالتالي « بعد إلغاء العبودية رسميًا، أصبحت أنظمة الشرطة والمحاكم والسجون الوسيلة الأساسية التي يُحرم بها الأمريكيون السود من حريتهم، ويتم إقصائهم من المشاركة في شؤون السياسة والإقتصاد »، ولا تُقدّم بعض الولايات أي تعويض أو أجر عن العمل في السّجون، في حين يتقاضى العاملون في سجون معظم الولايات ما بين 0,13 و 0,52 سنتًا عن كل ساعة عمل ( بيانات نهاية سنة 2023)، في حين يطالب عمال ماكدونالدز وكوكاكولا وولمارت بخمسة عشر دولارا عن كل ساعة عمل، ويتم استبعاد جميع العاملين في السجون ( في الولايات المتحدة كما في البلدان الرأسمالية المتقدمة) من أنظمة الحماية الإجتماعية والصّحّيّة، رغم قيامهم ببعض المهمات الأشدّ خطورةً مثل مكافحة حرائق الغابات الضخمة ومعالجة الدواجن والتخلص من النفايات الخطرة والسّامّة، غالبًا بدون معدات السلامة المناسبة، فضلا عن حرمانهم من الحماية القانونية…
يُنتج السجناء الأميركيون سِلَعًا ( تجهيزات منزلية وملابس ومعدّات عسكرية – بدون متفجرات – وأثاث ولوازم التنظيف ومطبوعات وأزياء …) بقيمة تفوق إحدى عشر مليار دولارا سنويا ( بيانات 2021) مما يُفسّر تعرّض « الذين يرفضون العمل لعقوبات شديدة والحبس الإنفرادي والحرمان من فرص تخفيف عقوبتهم، وفقدان الزيارات العائلية، أو عدم القدرة على دفع ثمن الضروريات الأساسية للحياة مثل صابون الاستحمام »، وفق تقرير صادر سنة 2022 عن اتحاد الحريات المدنية الأمريكية و عيادة حقوق الإنسان الدّولية بكلية الحقوق بجامعة شيكاغو، وامتدّ التحقيق من سنة 2018 إلى 2022، وشمل سجون جميع الولايات الأمريكية، ويدّعي الخطاب الرسمي الأمريكي ( المحلي والإتحادي) إن العمل القَسْرِي المَجاني أو شبه المجاني في السُّجُون يندرج ضمن « خطط تعليم وتثقيف وإعادة تأهيل السّجناء « ، وأظهرت دراسات عديدة في مختلف مناطق العالم إن بدائل السجن أقل تكلفة وأكثر فعالية في الحد من العودة إلى الجريمة.
أصدر مكتب المفتش العام التابع لوزارة القضاء ومكتب المحاسبة الحكومية تقارير ( شباط/فبراير 2024) عن ارتفاع عدد الوفيات إلى ما لا يقل عن خمسين قتيل سنويا في السجن بسبب اللجوء المفرط من قِبَل إدارات السجون إلى الحبس الإنفرادي وانتهاك حقوق السّجناء، وبسبب حوادث يمكن تلافيها والوقاية منها، ويُشير تقرير صادر عن معهد السياسة الإقتصادية ( كانون الثاني/يناير 2025) إلى إن « معدلات السجن هي الأعلى، وأجور السجون هي الأدنى، وترتيبات العمل القَسْرِي ( السّخرة) تحمل أوجه تشابه مذهلة مع أشكال تأجير المحكومين والعمل القَسْري بسبب الديون في الماضي »، ويُشير نفس التقرير « إن الولايات في الجنوب الأميركي – التي كانت آخر من استمرت في ممارسة العبودية – تسجن الناس بأعلى المعدلات في العالم »، وتُصنّف ثلاثون ولاية أمريكية في أعلى قائمة معدلات السجن العالمية…
أشارت مُذكّرة قانونية أصدرتها مجلة جامعة هارفارد للقانون سنة 2023 إلى التصريحات المتحمسة للقمع والتشدّد في الأحكام التي أصدرتها كامالا هاريس لما كانت تشغل منصب المدعي العام لولاية كاليفورنيا، قبل أن تصبح نائبة الرئيس جوزيف بايدن، وادّعت إن اكتظاظ السجون لا يُشكّل انتهاكًا دستوريا رغم العدد القياسي للوفيات – بسبب الإكتظاظ – في سجون ولاية كاليفورنيا وهي أكبر وأغنى ولاية أمريكية من حيث قُوّة الإقتصاد وعدد السكان…
تُدير شركات خاصّة معظم السّجون الأمريكية، وتتواطؤ قوات الشرطة مع إدارة السجون لتكثيف القمع واعتقال الأعداد الضرورية لملء السجون ( كي لا يبقى مكان شاغر) ثم يُستخدم المسجونون كاحتياطي للحفاظ على مخزون مناسب من العُمّال العبيد لمكافحة الحرائق وأداء وظائف صعبة وخطيرة أخرى، فضلا عن صناعة المعدّات والملابس والتجهيزات بأسعار منخفضة جدّا، لتضخيم أرباح الشركات التي تبيعها للمواطنين أو تَصدّرها بأسعار السوق، مما يجعل العديد من السلع الأمريكية قادرة على منافسة إنتاج الصين أو بتغلادش أو غواتيمالا، لأن العديد من القطاعات الرأسمالية الأمريكية تعتمد على العمالة المجانية، بتواطؤ من السلطات المحلية والإتحادية، فقد تم في ولايات الجنوب استخدام قوانين التشرد تاريخيا لدفع السود الجنوبيين إلى « الإختيار » بين العمل بأجور زهيدة أو بدون أجر أو السجون، حيث تمارَسُ العبودية بصورة قانونية وتم إنشاء نظام جديد معقد لتأجير المحكوم عليهم بدلاً من العبودية التقليدية أثناء إعادة الإعمار، مع فرض الانضباط والسلطة بوحشية من خلال الإغتصاب الجماعي والضرب والمُضايقات المُتكرّرة، ويلخّص عالم الإجتماع والمؤرخ الإشتراكي الأمريكي ويليام إدوارد بورغهارت دوبوا، أو أمريكي أسود يحصل على درجة الدكتوراه ( 1868 – 1963) هذا الوضع في كتابه عام 1935 بعنوان » إعادة الإعمار الأسود : « لقد تم استخدام النظام الإجرامي بأكمله كوسيلة لإبقاء الزنوج في العمل وتخويفهم، ونتيجة لذلك، بدأ الطلب على السجون والإصلاحيات يتجاوز الطلب الطبيعي بسبب ارتفاع الجريمة »، كما يشير دو بوا « كانت السجون الجنوبية تحتجز عددًا قليلًا نسبيًا من الناس، قبل الإلغاء الرسمي للعبودية، وكانت الغالبية العظمى من المساجين من البيض »
عودة « المكارثية »؟
استهدفت موجة عارمة، من القمع الحكومي والخاص، الأصوات المؤيدة للفلسطينيين ومن منتقدي العدوان الصهيوني الذين يواجهون تهديدات بالملاحقة القضائية الحكومية ووضع قوائم سوداء أو الفصل من العمل، ما يُذَكِّرُ بمناخ الفترة « المكارثية »، بعد الحرب العالمية الثانية، حتى نهاية عقد الخمسينيات من القرن العشرين، وأصبحت أي عبارة مُؤَيّدة للفلسطينيين تُصنَّفُ ضمن « التعصب والعُنصُرية والتحريض على العنف ومُعاداة السّامية… » وفي بداية شهر آذار/مارس 2024، تعاونت رابطة مكافحة التشهير (ADL) وهي من أكبر المنظمات الصهيونية، مع مركز لويس د. برانديز لحقوق الإنسان بموجب القانون لإرسال تحذير إلى أكثر من مائتي كلية وجامعة، تطالبها بحَظْر نشاط منظمة طلاب من أجل العدالة في فلسطين (SJP) ، وطالبت بفتح تحقيقات للتدقيق بشأن تمويل هذه المنظمة الطلابية « والانتهاكات المحتملة لقواعد السلوك المدرسية وقوانين الولايات والقوانين الفيدرالية… وما إذا كانت تدعم الإرهابيين ماديًا »، ويحصل ذلك ضمن موجة متصاعدة من القمع السياسي والضغط الحكومي الذي يستهدف الأصوات المنتقدة للكيان الصهيوني والمؤيدة للفلسطينيين بالولايات المتحدة، ووجّهت إدارة بايدن وزارة الأمن الداخلي ووزارة القضاء « للعمل مع سلطات إنفاذ القانون داخل الجامعات لتتبع خطاب الكراهية عبر الإنترنت… » وارتفع حجم حملات القمع والتهديدات بالملاحقة القضائية، والحظر الذي تفرضه الدولة، والمراقبة الفيدرالية، والضغوط السياسية على الخطاب المؤيد للفلسطينيين في الولايات المتحدة، مع اعتماد المنظمات الصهيونية على سلطة الدولة لاستهداف وتثبيط حرية التعبير، وبضغط من الشركات الكبرى المُدْرَجَة في « وول ستريت » التي تبرعت بالمال وأمرت الكليات والجامعات بممارسة الضغط ونشر قوائم الطلاب « المخالفين » وحث المديرين التنفيذيين ومكاتب الإستشارات والمحاماة على عدم توظيف الباحثين والمُدرّسين والقانونيين الذين عبروا عن نقد الكيان الصهيوني، وتم استجواب المُرشحين للوظائف في جامعات كولومبيا وهارفارد وولاية أركنساس، حول آرائهم بشأن ما يحصل في فلسطين، وشهّرت العديد من المواقع الصهيونية بالأشخاص الذين وقعوا على البيانات، مُعرّضين سلامتهم الجسدية للخطر من خلال إدراج أسمائهم الكاملة وصورهم ومسقط رأسهم، وإدراجهم ضمن « داعمي الإرهاب »، وطالبت بعض الولايات الأمريكية المقاولين المشاركين في أشغال حكومية بالتوقيع على « تعهد بعدم مقاطعة إسرائيل »، ليتم التشابك بين الرقابة المناهضة للفلسطينيين والسياسات المناهضة للعمال إلى اتهام النقابات التي نظّمت إضرابات « بدعم الإرهاب الفلسطيني »
في مجال الإعلام، حَظَرت إدارة الصحف ووسائل التعبير الأخرى التّعليق على الحصار الصهيوني وعلى تجويع الفلسطينيين حتى الموت، وأوقفت العديد من المحطات العاملين من أُصُول عربية، واستقال العديد من المحررين الآخرين احتجاجًا أو تضامناً مع زملائهم، وطاول الأمر النّواب (الذين أدّوا قَسَم الولاء للولايات المتحدة الأمريكية) والذين اتهمتهم وسائل الإعلام ب »تأجيج نيران الكراهية والانقسام » لأنهم اتهموا الحكومة الأمريكية بـ « المساعدة النشطة في الإبادة الجماعية »، كما حذفت مِنَصّات التواصل « الإجتماعي » العديد من الحسابات بتهمة ارتكاب انتهاكات وَهْمِيّة مثل « التحريض على العنف » و « معاداة السامية »…
إنها المكارثية التي عادت إلى الولايات المتحدة وتمثلت مظاهرها في تهديد من يخالف الموقف الرسمي (أو الموقف السّائد) وإنشاء « قوائم سوداء » وإلغاء التوظيف والطرد من العمل، فضلا عن القمع الحكومي ومحاولات تجريم حرية التعبير ونَشْرِ مناخ من الترهيب والإتهامات الباطلة وتحريف التصريحات والآراء، وتجري حملة القمع من خلال مجموعة من القنوات الحكومية والشركات الخاصة، وملاحقة كل من ينتمي أو يؤيد حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على الكيان الصهيوني، رغم محدودية أهداف الحملة، ومطاردة كل من ينتقد بعض جوانب سياسات الكيان الصهيوني. أما من يرفع شعار تحرير فلسطين من البحر إلى النّهر فيُعتبر إرهابيا وعُنصُريا ومعاديا للسامية وهلم جرًّا… انتقاد انتهاكات حقوق الإنسان المختلفة التي ترتكبها الحكومة الإسرائيلية الآن أو لفت الانتباه إليها هو في حد ذاته تحريض على العنف العنصري.
هل بدأ عَصْر الإنحدار الأمريكي البطيء ؟
رغم التّبجّح بالدّيمقراطية، تظل الولايات المتحدة دولة قَمْعِيّة وعنصرية ومُعتدية على الشعوب، وفي المجال الدّاخلي لا تزال العُبُودية مُستمرة ( رغم التطور الرأسمالي) وإن تغيرت الأشكال…
يستمر انخفاض الإيرادات وارتفاع تكاليف السكن وارتفاع أعداد المشردين في الولايات المتحدة التي بلغت مستويات قياسية للعام 2023 بتسجيل نحو 650 ألف مشرد، 28% منهم عائلات معها أبناء، ويستمر تفاقم التفاوت الاقتصادي والفجوة العرقية في الثروة، وتظهر الفروق العرقية في الحصول على حد الكفاية من الصحة والتغذية والتعليم والتوظيف والسكن وتظهر تقريبا في سوء معاملة الشرطة والقضاء للأمريكيين السّود وتعريض صحة ملايين النساء من ذوات البشرة الملونة للخطر بفعل القوانين التي تحد من نشاط المراكز الصّحّيّة والرعاية الإنجابية، كما يسجل مؤشر انعدام المساواة في الدخل تفاوتًا كبيرًا مقارنة بالدول الغنية الأخرى، فالعُشْر ( 10% ) الأغنى من السكان يحصل على قرابة نصف إجمالي الدخل مقابل 13% للنصف الأفقر، والذي لا تزيد ملكيته الثروات الخاصة في البلاد على 1,5% وفق تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش وهي الوكالة التي أوقف دونالد ترامب عملها، ووقف تمويلها من قِبَل الوكالة الأمريكية للتعاون الدّولي ووزارة الخارجية الأمريكية.
تتيح الإعفاءات المقرة في قوانين العمل الأميركية عمالة الأطفال بعمر 12 عاما في قطاع الزراعة (القطاع الأكثر تسببا لوفيات الأطفال العاملين)، حيث ارتفعت الحالات المُسجّلة لانتهاكات حقوق الطفل سنة 2023، وأغلب الأطفال العاملين من المهاجرين بدون مرافقين من أولياء أمورهم ويعملون في ظروف خطيرة واستغلالية، في حين يستمر ارتفاع معدل الوفيات بالجرعات الزائدة من المخدرات إلى مستوى قياسي بنحو111 ألف وفاة…
تضمّن « ترشيد الإنفاق الحكومي » في ميزانية 2025/2026 العديد من الهدايا للأثرياء، ومن بينها خفض الضرائب وزيادة حجم الدّيْن العام بمبلغ يتراوح بين 2,4 وأربعة تريليونات دولارا، خلال العقد القادم، وفق تقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس، بينما يجادل المؤيدون بأن التخفيضات الضريبية ستحفز النمو الاقتصادي، ويؤكد النقاد أن الآثار المالية طويلة الأجل يمكن أن تكون ضارة، على ضوء تقديم دونالد ترامب وجماعته مجموعةً من التشريعات التي وافق عليها الكونغرس، والتي تتضمن خفض معدلات الضرائب على الأفراد وأرباح الشركات وخفض عدد المشمولين بالتأمين الصحي الحكومي ( من حوالي سبعين مليون إلى نحو ستين مليون مواطن فقير) من خلال فَرض شروط جديدة تخفض عددهم مما يُؤَدِّي إلى إضافة نحو عشرة ملايين لعدد الأشخاص غير المشمولين بالتأمين الصحي، وفي المقابل خصصت الميزانية سبعين مليار دولارا لأمن الحدود يخصص مشروع القانون 70 مليار دولار لأمن الحدود، ويتضمن هذا البَنْد بناء وصيانة الحواجز على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك وزيادة أعداد ضباط دوريات الحدود وضباط الجمارك، وبناء مراكز احتجاز تسمح بإيواء مائة ألف مهاجر إضافي وتعزيز إجراءات احتجاز وترحيل المهاجرين، كما يخصص قانون الميزانية 150 مليار دولار إضافية « للإنفاق الدفاعي »، وتطوير نظام الدفاع الصاروخي المُسمّى « القُبّة الذّهبية » وتوسيع الأسطول البحري، ومشاريع بناء السفن الجديدة، وتجديد مخزونات الذخيرة
اتفق بعض أقطاب الحزب الديمقراطي وبعض نواب الحزب الجمهوري – من القلائل الذين عارضوا مشروع الميزانية – إن هذه الميزانية ستؤدي إلى تفاقم الدين القومي، وإلى تقويض برامج الرعاية الصحية للفقراء مقابل استفادة الأثرياء من رجال الأعمال وأصحاب العقارات من التخفيضات الضريبية ومن خفض نسبة الفائدة على قروض الشركات والأثرياء…
يدرس في المؤسسات الأمريكية للتعليم العالي أكثر من 1,1 مليون طالب ويمثلون ما يقرب من 6% من إجمالي عدد طلاب التعليم العالي في الولايات المتحدة خلال العام الدّراسي 2024 – 2025، وفقًا لتقرير معهد التعليم العالي، ووفقًا لمكتب الشؤون التعليمية والثقافية بوزارة الخارجية ومعهد التعليم الدولي، وتضمّنت قرارات الرئيس دونالد ترامب خفض عدد تأشيرات الطلبة الأجانب في الجامعات الأمريكية وحظر دخول مواطني 12 دولة إلى الأراضي الأمريكية، وقد يُؤدِّي تقْيِيد الدّخول والحصول على تأشيرات الدّراسة للطلاب الأجانب الجدد خلال الموسم الدراسي المقبل (2025-2026) نتيجة للتعميم الذي أصدرته وزارة الخارجية لبعثاتها في الخارج للتحقق من الخلفيات الأمنية والسياسية لطالبي التّأشيرة، خاصة عبر حسابات منصات التواصل الاجتماعي، فضلا عن الضّغط على بعض جامعات نيويورك، وجامعة هارفارد حيث يمثل الأجانب نحو 27% من العدد الإجمالي للطلاب، بمنعها من تسجيل الطلاب الأجانب وتغيير شروط توظيف المُدَرِّسين والباحثين…
يُقدّر حجم الأموال التي يتم ضخّها في الإقتصاد الأمريكي من قِبَل الطّلبة الأجانب بنحو 44 مليار دولار ووفروا 378 ألف وظيفة خلال السنة الدّراسية 2023/2024، لأن الطلاب الأجانب يُسدّدون رسوما دراسية أعلى من الطلاب المحليين الذين يستفيد بعضهم من مساعدات فدرالية أو محلية ومن الاقتراض لتمويل دراساتهم، ويساهم الطلاب الأجانب في تحريك سوق العقارات وإيجار المسكن فضلا عن الإنفاق على الطعام والتنقل والسفر وما إلى ذلك، وفقًا لرابطة المعلمين الدوليين (NAFSA) التي تشجع التعليم الدولي، وكتبت صحيفة واشنطن بوست ( الموقع الإلكتروني للصحيفة بتاريخ الثامن من حزيران/يونيو 2025 ) إن وجود الطلاب الأجانب يؤدي إلى خلق فرص عمل، سواء كان ذلك من خلال زيادة عدد الموظفين في المرافق والمتاجر المحلية أو في الجامعة نفسها، مع الحاجة إلى موظفين إضافيين للتعامل مع لوجستيات استقبال مزيد من الطلاب، وإن تعليق السلطات الأميركية تأشيرات الطلاب قد يكون له تأثير خطير على قطاع العقارات ( تأجير مساكن الطلاّب ) والمطاعم والتجارة ومرافق الترفيه…
صَرّح بعض الباحثين إن انخفاض معدلات تسجيل الطلاب الأجانب يُؤدّي إلى إحجام ذوي الكفاءات العالية عن التّوجّه نحو الولايات المتحدة، ويُقدّر عدد الطلاب الأجانب في معهد مَساتشوتس للتكنولوجيا الذي يعدّ من أرقى المؤسسات عالميا بنحو 25% من العدد الإجمالي لطلاّبه وفق إدارة المؤسسة التي عبّرت عن مخاوفها من أن حيوية الجامعة « ستتضاءل بشدة من دون الطلاب والباحثين القادمين من دول أخرى »، وكتبت رئيسة المعهد: « إن التهديد بإلغاء التأشيرات بشكل غير متوقع سيقلل من احتمال قدوم أفضل المواهب من جميع أنحاء العالم إلى الولايات المتحدة، مما سوف يَضُرُّ بالقدرة التنافسية الأميركية والرِّيادة العلمية لسنوات قادمة »، وورد في افتتاحية مجلة « إيكونوميست » ( الأسبوع الأول من حزيران/يونيو 2025) « إن استقطاب الجامعات الأميركية لنخبة من أفضل العقول من جميع أنحاء العالم يجعلها أكثر ديناميكية وابتكارا ويعزز القوة الناعمة الأميركية في الخارج… ( نأسَفُ) لعدم تعامل الرئيس ترامب وحكومته مع الموضوع وفق هذا المنظور… إذا كان الرئيس ترامب يهتم بالعجز التجاري الأميركي، فإن من غير المنطقي أن يضع العراقيل أمام قطاع التعليم العالي، وهو أحد أكبر المُصدّرين الأميركيين إذ يبيع خدماته للأجانب »، وسبق أن كتبت صحيفة نيويورك تايمز خلال شهر نيسان/ابريل 2025 « إن إدارة دونالد ترامب ألغت أكثر من 1500 تأشيرة في 222 جامعة، في حين سعى مسؤولو الهجرة لاحتجاز وترحيل عدد من الطلاب والباحثين بسبب مخالفات قانونية، وأحيانا بسبب نشاط سياسي، وفي بعض الحالات لا يعرف الطلاب سبب إلغاء تأشيراتهم… »
هوامش من أحداث لوس انجلس من ولاية كاليفورنيا
صوّتت أغلبية الناخبين بولاية كاليفورنيا بنسبة 61% لصالح هيلاري كلينتون خلال خلال انتخابات 2016 التي فاز بها دونالد ترامب، وصوت 58,5% لصالح كامالا هاريس خلال انتخابات 2024، وتُمثل ولاية كاليفورنيا نحو 20% من نسبة نجاح اي مرشح رئاسي، وهي تحتل المرتبة الاولى بين كل الولايات، كما إنها أغْنى ولاية والاكثر سكانا بحوالي 40 مليون نسمة، وتقارب مساحتها مساحة العراق، ويحاول دونالد ترامب السيطرة على هذه الولاية، التي تُمثّل محور الإقتصاد الأمريكي وبلغ ناتجها المحلي الإجمالي 4,2 تريليون دولارا سنة 2024، وتحتل المرتبة الخامسة عالميا في اجمالي ناتجها المحلي وتُقدر مساهمة الولاية بنحو خمسين مليار دولارا بالضرائب التي تجمعها الحكومة الإتحادية) لخدمة استراتيجيته السياسية التي تعتمد على الْبُعْد الإقتصادي والتجاري، غير إن حاكم كاليفورنيا يُعارض سياسة الرسوم الجمركية لترامب واعتبرها مَصْدَرًا لخسائر بقيمة أربعين مليار دولارا لاقتصاد كاليفورنيا ولفقدان حوالي 64 الف وظيفة عمل، فضلا عن الخسائر الناجمة عن عدم الإستقرار الذي يؤثّر سلْبًا على الاداء والتخطيط الاقتصادي في ولاية تمثل ركيزةً للإقتصاد الامريكي، وأدّت هذه التخوفات والإعتراضات إلى رفع الولاية قضايا ضدّ سياسات ترامب، ومن بينها التّضْيِيق على المهاجرين و »غير البيض » (الآسيويون والسود والامريكيون اللاتينيون ) الذين يمثلون أكثر من 55% من سكان ولاية كاليفورنيا، وهنا تلتقي المُعارضة الشعبية لسياسات دونالد ترامب مع مُعارضة المؤسسات: حاكم الولاية ورئيس بلدية العاصمة لوس انجلس ونواب البرلمان المحلي والإقليمي… أما البرجوازية المَحلِّية فتَضُمُّ شريحةً من الإنفصاليين الذين يعتبرون إن كاليفورنيا الغنية تُنفق على الولايات الفقيرة التي يسكنها الكسالى والمتقاعسون، ويُطالبون باستقلال كاليفورنيا ( التي استولت عليها الولايات المتحدة سنة 1846خلال العدوان على المكسيك)، ونمت شعبية هذه الفئة بعد انتخاب دونالد ترامب، غير إن قضية الهجرة والمهاجرين تُمثّل إحدى نقاط الخلاف بين دونالد ترامب والسلطات المحلية، حيث توفر قوانين الولاية الملاذ الآمن لملايين المهاجرين غير النظاميين، في حين تضغط إدارة ترامب كي تتعاون شرطة الولاية مع سلطات الهجرة بالتشديد وتطبيق القوانين.
يُعتبر هذا الوضع – بمختلف جوانبه – من العوامل المُساعدة على التّمَرُّد ضدّ سياسات دونالد ترامب واستراتيجيته في التعامل مع المهاجرين الذي شهدته مدينة لوس أنجلس ( ولاية كاليفورنيا) احتجاجًا على عمليات مداهمة واعتقال نفذتها السلطات الإتحادية ضد مهاجرين، بداية من يوم السّادس من حزيران/يونيو 2025، وتطورت إلى مواجهات عنيفة بين الشرطة وآلاف المهاجرين والمواطنين – خصوصًا من الشباب – الرّفضين لسياسة الترحيل والاعتقال والمداهمات لأن أكثر من ثُلُث سُكّان الولاية وُلِدوا خارجها وتتحدث نسبة كبيرة من السكان اللغة الإسباني في الفضاء الخاص كالمسكن وداخل الأُسْرة، وتُعتبر الولاية رمزًا لتعدّد الثقافات والأعراق التي تأسست عليها الولايات المتحدة، واتخذت السلطات المحلية قرار فرض حظر التجمع وسط المدينة.
لم يحترم دونالد ترامب القيود الدستورية، مما خلق أزمة دستورية غير مسبوقة من شأنها تهديد أُسُس النظام الإتحادي ( الفدرالي) الذي ضَبَطَ حدود السلطة الرئاسية والحقوق الدستورية للولايات، غير إن الرئيس الأميركي بادر إلى إرسال قوات فدرالية إلى لوس أنجلوس استنادًا إلى قانون عام 1807، الذي يسمح للرئيس بأن يرسل « قوات فدرالية لمساعدة الولاية إذا احتاجت إلى ضبط الأمن ومواجهة من يهددون السلم والأمن »، لكن الدستور لا يسمح للحكومة الإتحادية بتجاوز صلاحيات الولاية، مما يُخْضِعُ تفعيل تَدَخُّل الجيش داخلياً ( في مهام تقوم بها الشرطة عادة) لقوانين صارمة، من بينها “قانون يمنع استخدام القوات المسلحة في مهام إنفاذ القانون المدني، وبذلك فتح ترامب مواجهة قانونية ودستورية، مخالفاً جوهر النظام الإتحادي، وفق موقع مجلة « إيكونوميست » ( 10 حزيران/يونيو 2025) التي اعتبرت « إن إرسال الحرس الوطني إلى لوس أنجلوس لا يهدف فقط إلى السيطرة على الاحتجاجات، بل يحمل رسالة سياسية واضحة هو أن المدن التي تتحدى السياسات اليمينية والشوفينية لإدارة ترامب، خصوصاً تلك التي تتبنى سياسات الملاذ الآمن للمهاجرين، بدل أمريكا العظيمة، ستدفع الثمن » لأن شعار « لنجعل أمريكا عظيمة مُجدّدًا » مُوجّهٌ لأميركا البيضاء ذات الأصول الأوروبية والتي تتحدث اللغة الإنكليزية وتعتنق المذهب البروتستنتي ويتواجد فيها عدد قليل جداً من المهاجرين، وبيّن دونالد ترامب إنه مُستعدّ لمصادرة حقوق الولايات وحكامها، ويُحرّض ترامب على توقيف الحاكم الديمقراطي لكاليفورنيا غافين نيوسوم، وبذلك اطّلع العالم على مشاهد دولة بوليسية تفرض الأحكام العُرْفِيّة وتُحاصر عاصمة ولاية كاليفورنيا بمئات الجنود من القوات البحرية والآلاف من قوات قوات الحرس الوطني الفيدرالية، وعَرْض المُعدّات والأسلحة بهدف ترهيب المُحتجّين وتحويل انتباه المواطنين عن قضايا الفساد والاحتيال والرشوة والتجاوزات والإساءة التي انتشرت خلال الفترة القصيرة من ولاية ترامب الثانية ( بداية من العشرين من كانون الثاني/نوفمبر 2025 )، ويُعْتَبَرُ نَشْر الجيش للتعامل مع الشؤون الداخلية التي ينبغي أن تتولى التعامل معها الشرطة المدنية، رغم اعتراضات الزعماء المحليين والدوليين، من مظاهر الإستبداد وتجاوزًا للسلطات المحلية المنتخبة، ومقدّمة لممارسة الحكم بقوة السلاح والترهيب من خلال المداهمات، وتتصرف إدارة دونالد ترامب مثل كل الأنظمة الإستبدادية التي تتذرّع بالإضطرابات لإقرار حالة الطوارئ وفَرْض الحُكم العسكري وإلغاء أو تعليق القانون المَدَني، ولا يمكن اعتبار هذه الإجراءات مجرد مناورة سياسية، بل هي طريقة حُكْم بمنطق القُوّة وتتضمّن الترهيب والرّعب وفرض الإمتثال والخضوع، ولا تعتبر الحكومة الإتحادية إنها في خدمة المواطنين، بل تعتبر المواطنين أعداء محتَمَلِين يجب مراقبتهم والسيطرة عليهم لإخضاعهم، مما يجعل الحكومة الإتحادية تعتبر أي مُعارضة أو احتجاج « تَمَرُّدًا يُهدّد الأمن القومي » ويُتيح « تهديد الأمن القومي » نَشْر الجيش والحرس القومي، كجزء من مخطط برزت بعض مظاهره من خلال نَشْر القوات في كاليفورنيا، ومن خلال الإستعدادات لعرض عسكري في واشنطن العاصمة لتذكير الشعب بأن من يملك السلاح يملك السّلطة، وفق تحليل وكالة أكسيوس بتاريخ الحادي عشر من حزيران/يونيو 2025…
خاتمة:
« لقد ربطوا بين العرق والطبقة. لقد تم اقتلاع أسلافنا من بيئتهم ومحيطهم وبلادهم لجَلْبهم إلى هنا من أجل الرّبح واستخدامهم كطبقة عاملة مجانية يتم احتقار وإهانة أفرادها » وفق المُؤرّخ الأمريكي الأسود « جيرالد هورن » ( وُلِد سنة 1949) الذي دَرَسَ المُكَون الطّبقي للعبودية في ما لا يقل عن ثلاثة كُتُب، وسبقه في ذلك هيوبرت هاريسون ( 1883 – 1927 ) الذي كتب « إن الأمريكيين السود يُشكلون المجموعة السّكّانية التي تضم أكبر نسبة من البروليتاريا الأمريكية، وتم جلبهم من إفريقيا إلى أمريكا بغرض واضح يتمثل في استغلالهم كالحيوانات، بشكل غير إنساني »، وهيوبرت هاريسّون كاتب ومناضل من أجل المساواة والعدالة، أصيل جزر بحر الكاريبي…
إن استمرار العبودية على الأراضي الأميركية يُكَذِّبُ الفكرة القائلة بأن النظام الاقتصادي والسياسي الأميركي قائم على حماية الحريات والحقوق الفردية، فالنّظام الرّأسمالي يتطلب بطبيعته وجود أعداد هائلة من الناس الذين يمكن استيعابهم في نظام من الحرمان العنيف المبرمج، ولا تزال الرأسمالية الأميركية قائمة على الهيمنة والاستغلال، ولا تزال أشد أشكال العبودية قسوة والقائمة على العرق واللّون سائدة، فيما تُتيح قوانين العمل الأمريكية عددًا من أشكال العبودية، ومن بينها عمالة الأطفال بعمر 12 عاما في قطاع الزراعة (القطاع الأكثر تسببا لوفيات الأطفال العاملين)، حيث ارتفعت الحالات المُسجّلة لانتهاكات حقوق الطفل سنة 2023، وأغلب الأطفال العاملين من المهاجرين بدون مرافقين من أولياء أمورهم ويعملون في ظروف خطيرة واستغلالية، في حين يستمر ارتفاع معدل الوفيات بالجرعات الزائدة من المخدرات إلى مستوى قياسي بنحو111 ألف وفاة.
إن تمجيد العُنف والتاريخ والتُراث الدّموِي والعدد القياسي من العدوانات العسكرية للولايات المتحدة على شعوب العالم يؤدّي حتْمًا إلى استفحال العنصرية والعنف الدّاخلي وانتشار الفكر الفاشي، ويؤدّي إلى تبرير ( بل تمجيد ) عمليات إبادة السكان الأصليين واستعباد ملايين الإفريقيين، وإلى هيمنة الماكارثية، خلال عقد الخمسينيات من القرن العشرين وإلى انتخاب رؤساء مُنحطِّي اللغة والأخلاق مثل رونالد ريغن وبوش الإبن ودونالد ترامب، ولذلك فإن نشر 700 جندي من البحرية الأمريكية وألْفَيْ عنصر من الحرس القومي، إلى جانب المئات من الشرطة المحلية، نتيجة منطقية للإيديولوجيا السّائدة في أكبر قُوة إمبريالية في عصرنا وربما في تاريخ البشرية، مما يُؤكّد ضرورة تحالف قوى المعارضة الدّاخلية الأمريكية للنظام السّائد وليس لهذه الحكومة أو تلك ( إن وُجِدت هذه المُعارضة) والقوى التقدمية في العالم لإضْعاف الإمبريالية الأمريكية ( ومعها حلف شمال الأطلسي وأوروبا والأحلاف العدوانية الأخرى) والإطاحة بنفوذها…
الطاهر المعز
مراجع:
« التراجع الكبير: كيف يؤدي تراجع الأحزاب السياسية إلى تقويض الديمقراطية الأمريكية » بقلم ديدي كو (دار نشر جامعة أكسفورد – 2025)
Review of The Great Retreat: How the Decline of Political Parties Is Undermining American Democracy by Didi Kuo (Oxford University Press, 2025).
شريط » بدلة زوت » ( إخراج لويس فالديز 1981 )
ويليام إدوارد بورغهارت دوبوا، عالم الإجتماع والمؤرخ الإشتراكي الأمريكي وأول أمريكي أسود يحصل على درجة الدكتوراه ( 1868 – 1963) – كتاب بعنوان » إعادة الإعمار الأسود – 1935
-
Jonathan Cook-La guerre de Gaza comme la guerre d’Ukraine est une guerre (anglaise) par procuration : révélations.

Ceux qui ne suivent pas de très près l’actualité ‘politique’ de notre voisin d’outre-Manche, ignorent peut-être qui est Kemi Badenoch. Cette dame issue de l’ethnie Yoruba au Nigeria, de nationalité anglaise par accident, a réussi à s’imposer comme la nouvelle cheffe du parti Tory (les ‘conservateurs’) Anglais, après l’échec du parti aux élections législatives de 2024, largement remportées par le parti travailliste de Keir Starmer. Dirigeante du second parti du Royaume Uni et donc du ‘cabinet fantôme’, étroitement liée aux ex-premier ministres conservateurs Boris Johnson puis Rishi Sunak, elle a une connaissance de gouvernement autant du conflit ukrainien que de la guerre à Gaza. L’entendre avouer que ces deux guerres sont des « guerres par procuration » menées par l’Occident peut surprendre. Jonathan Cook, en rapprochant les tenants et les aboutissements de ces deux tragédies nous explique. (commentaire et traduction de Jean Luc Picker pour histoireetscociete)
Badenoch laisse échapper la vérité : la Grande Bretagne est bien au cœur de la guerre par procuration à Gaza.
La cheffe du parti conservateur (les Tories) dit à haute voix ce qui était censé rester secret : Israël et l’Ukraine font la guerre pour l’Occident.
Traduction d’un article de Jonathan Cook, publié dans Middle East Eye le 2 juin 2025
La guerre de Gaza comme la guerre d’Ukraine est une guerre ( (anglo-américaine)par procuration : révélations par Jonathan Cook
Vous vous demandiez pourquoi les dirigeants britanniques n’ont élevé que des murmures de protestation contre Israël au cours des 20 derniers mois de massacres, de famine et d’extermination de 2 millions de Gazaouis ? Votre réponse est arrivée la semaine dernière.
La cheffe du parti conservateur, Kemi Badenoch, a révélé le pot aux roses dans un interview avec Sky : « La guerre que conduit Israël [à Gaza] est une guerre par procuration pour le compte de la Grande Bretagne ».
Écoutez bien ce que nous dit Badenoch, ce n’est pas seulement que la Grande Bretagne (et, on suppose, les autres puissances occidentales) soutient Israël contre le Hamas. Non, ces pays veulent cette guerre et la dirigent. Ils considèrent ce conflit comme central pour leurs intérêts nationaux.
C’est cette réalité qui explique ce que nous observons depuis plus d’un an et demi. Ni l’actuel gouvernement travailliste de Keir Starmer, ni le gouvernement Tory de Rishi Sunak qui l’a précédé n’ont eu la moindre hésitation pour envoyer des armes britanniques à Israël ou pour convoyer des armes en provenance des Etats-Unis et de l’Allemagne. Des armes qui participent aux massacres.
De la même façon les deux gouvernements successifs
- ont utilisé la base aérienne britannique d’Akrotiri à Chypre pour organiser des vols de reconnaissance au-dessus de Gaza, qui permettent à Israël de définir leurs cibles.
- ont permis à des citoyens britanniques de rejoindre Israël pour s’enrôler dans l’armée et participer au génocide.
- ont refusé de se joindre à la plainte de l’Afrique du Sud devant la Cour Internationale de Justice qui a statué il y a plus d’un an à la plausibilité de génocide devant les actions d’Israël
- ont négligé de proposer et à fortiori d’instituer une zone d’exclusion aérienne en collaboration avec les autres pays occidentaux pour arrêter les attaques meurtrières sur Gaza, comme ils l’ont fait dans d’autres ‘guerres’ du passé récent[1]. Ils n’ont pas non plus recherché avec les autres pays les moyens de briser le blocus israélien pour faire parvenir l’aide humanitaire dans l’enclave.
En résumé, les deux gouvernements se sont montrés inébranlables dans leur support matériel à Israël, même si Starmer a légèrement changé de ton récemment devant le choc que provoquent dans le monde les images d’enfants et de bébés affamés, images qui rappellent les photos des enfants juifs dans les camps de la mort des nazis.
Langue de bois
La logique de ce que Badenoch a affirmé (que le Royaume Uni mène une guerre par procuration à Gaza) c’est que les deux gouvernements britanniques sont directement responsables de la mort d’un nombre gigantesque de civils palestiniens. Le nombre de victimes des bombes et du blocus israéliens se comptent maintenant en dizaines, voire en centaines de milliers. Ses paroles prouvent de manière indiscutable la complicité du Royaume Uni dans la famine de masse imposée à plus de 2 millions de personnes. Pour nous en convaincre, il suffit de décoder la langue de bois utilisée dans la suite de son interview.
Faisant référence aux critiques bien tardives faites récemment par Starmer contre la famine imposée à Gaza, Badenoch déclare que « ce que je veux, c’est que Starmer se mette fermement au service de l’intérêt national de la Grande Bretagne ». Ainsi, alors qu’elle n’a pas été suivie de la moindre ébauche de mise en œuvre, la menace de Starmer de limiter la collusion flagrante du Royaume Uni avec le génocide du peuple gazaoui et la famine de masse pourrait nuire aux intérêts nationaux du pays ?
Ces paroles de Badenoch sur « la guerre par procuration » menée à Gaza aurait dû faire bondir Trevor Philips, le journaliste de Sky qui l’interviewait. Mais il les a laissé filer. Elle n’a pas non plus été relevée par la grande presse britannique. Quelques publications de droite l’ont mentionnée, mais plus parce qu’ils étaient gênés par le parallèle qu’elle a tiré avec la guerre par procuration que mène l’Occident en Ukraine. Reprenons la totalité de la phrase que Badenoch a prononcé : « Israël mène une guerre par procuration pour le compte du Royaume Uni tout comme l’Ukraine à l’est de l’Europe le fait contre la Russie ».
Dans The Spectator, le journal du parti Tory, on trouve un critique de sa caractérisation de la guerre en Ukraine comme « guerre par procuration », mais l’article semble accepter comme acquise cette caractérisation pour la guerre à Gaza. Sous la plume de James Heale, député de l’éditeur politique du Spectator, on lit que « en faisant écho par inadvertance à la position russe à propos de l’Ukraine, Badenoch a donné à ses opposants un nouveau bâton pour se faire battre ».
Un autre journal proche des Tories, The Telegraph, a de son côté publié un article sur le même thème sous le titre : « Le Kremlin fait feu des commentaires de Badenoch sur la ‘guerre par procuration’ en Ukraine ».
Le lien entre les deux guerres
Le fait que les boucliers n’ont pas été levés contre sa caractérisation de « guerre par procuration » à Gaza indique que ce sentiment est largement partagé dans les cercles qui décident de la politique étrangère des pays occidentaux. Elle n’a fait qu’enfreindre le tabou qui interdit d’en parler en public.
Pour comprendre pourquoi la guerre à Gaza – dans laquelle le Royaume Uni est profondément impliqué, même au prix d’un génocide – est conçue comme une « guerre par procuration », on doit aussi comprendre pourquoi la guerre en Ukraine est également comprise comme telle. Les deux guerres sont beaucoup plus liées qu’il n’apparaît à première vue.
Malgré l’embarras du Spectator et du Telegraph, Badenoch n’est pas la première dirigeante politique britannique à reconnaître que l’Occident mène une guerre par procuration en Ukraine. Déjà en février, Boris Johnson, qui a été un de ses prédécesseurs à la tête des Tories, commentait ainsi l’implication occidentale dans la guerre qui ravage l’Ukraine depuis trois ans : « Soyons réalistes, nous menons une guerre par procuration. Nous menons une guerre par procuration. Mais nous ne donnons pas à nos mandataires les moyens de faire le travail ».
Si quelqu’un est bien placé pour parler de la guerre en Ukraine, c’est Boris Johnson. Rappelons qu’il était à la tête du gouvernement britannique en février 2022 quand la Russie a envahi son voisin. Washington l’a ensuite rapidement expédié à Kiev pour convaincre le président Volodymir Zelensky d’abandonner des pourparlers de paix presque finalisés qui auraient pu amener un règlement de la crise.
Frontières menaçantes
Si Badenoch et Johnson s’accordent pour dire que la guerre en Ukraine est une guerre par procuration, c’est pour de bonnes raisons. Ce week-end, c’est Keith Kellog, l’envoyé états-unien en Ukraine qui les a rejoints sur ce terrain. Il a déclaré à Fox News que le président russe Vladimir Poutine n’avait pas tort de voir l’Ukraine comme une guerre par procuration et que l’Occident se posait en agresseur en armant le régime de Kiev.
Pendant des années, l’Occident a fait la sourde oreille aux avertissements de Moscou, inquiet que l’expansion agressive de l’OTAN finirait par aller au-delà de ce que la Russie pouvait tolérer. L’insistance occidentale pour rallier l’Ukraine à l’OTAN ne laissait à la Russie qu’un choix entre deux réponses. Soit Poutine cédait le premier, et son pays se retrouvait encerclé militairement, avec des missiles potentiellement nucléaires à sa porte, à quelques minutes de Moscou, soit il rentrait préventivement en Ukraine pour empêcher son adhésion à l’OTAN.
L’Occident était certain de n’avoir rien à perdre quelle que soit la décision russe. S’ils envahissaient, cela fournissait un prétexte pour enfermer la Russie dans une longue guerre qui la ruinerait à travers les sanctions économiques et la détruirait militairement en inondant l’Ukraine d’armes occidentales.
La Russie a choisi l’invasion. Mais nous savons maintenant que, même si cette guerre la saigne abondamment, côté armée ukrainienne et économies européennes c’est l’hémorragie. Le problème majeur, ce n’est pas le manque d’armes – l’Occident en a fourni plus que nécessaire- c’est le manque de main d’œuvre. Il n’y a plus beaucoup d’enthousiasme parmi les conscrits en Ukraine pour se faire jeter dans le broyeur de la guerre. Et, bien sûr, l’Occident ne va pas envoyer ses propres soldats. Une guerre par procuration veut dire juste ça : ce sont les autres, ici, les Ukrainiens, qui vont se battre et mourir pour vous.
Trois ans plus tard, les conditions pour la paix ont changé[2] du tout au tout. Beaucoup de sang russe s’est vidé sur les champs de bataille, et la Russie est de moins en moins encline aux compromis, en particulier sur les territoires qu’elle a conquis et annexés. Nous avons atteint le point bas de cette guerre. Un point si bas que même le président des Etats-Unis, Donald Trump apparaît tenté de s’en extraire. Et c’est là le résultat des efforts de l’OTAN, à travers Johnson, pour pousser l’Ukraine à conduire une guerre qui ne peut pas être gagnée.
Domination tous azimuts
Même si elle s’est révélée erronée, il y avait une logique géopolitique derrière la stratégie occidentale en Ukraine. Saigner la Russie, une puissance économique et militaire, va de pair avec les priorités définies par les faucons néoconservateurs qui dominent aujourd’hui les capitales occidentales, quel que soit le parti à la tête de l’administration.
Les néoconservateurs sont en symbiose avec ce qu’on avait l’habitude d’appeler le Complexe Militaro-Industriel. Ils sont persuadés que l’Occident est une civilisation supérieure au reste du monde et doit utiliser la supériorité de son arsenal pour défaire -ou au minimum confiner- tout état qui refuserait de se soumettre. Leur imaginaire est basé sur une version moderne des « barbares à nos portes » ou, comme ils l’appellent, du « clash des civilisations ». La chute de l’Occident, pour eux, équivaut à un retour au Moyen Age et ils nous imaginent pris dans un combat existentiel.
Aux USA, le centre impérial de ce que nous appelons l’Occident, cette vision a sous-tendu un investissement massif dans les industries de la guerre, pudiquement rebaptisées ‘industries de défense’ parce que ça se vend mieux à une opinion publique domestique fatiguée de l’austérité systémique nécessaire pour maintenir la supériorité militaire.
Les capitales orientales se campent en ‘gendarmes du monde’, pendant que le reste du monde voit l’Occident plutôt comme des parrains mafiosi sociopathes. Quelle que soit la façon dont on la présente, la doctrine officielle du Pentagone est celle de la ‘domination globale tous azimuts’. Les autres doivent se soumettre. Ou payer le prix de leur rébellion. En pratique, une telle conception de la politique étrangère conduit nécessairement à diviser le monde en deux : ceux qui sont dans le camp du parrain, et ceux qui n’y sont pas.
La Russie n’était pas dans le camp des parrains. Mais faire de l’Ukraine une base avancée de l’OTAN aux portes de Moscou n’a pas permis d’affaiblir et de neutraliser la Russie. Dès lors, il devenait nécessaire de l’enfermer dans une guerre par procuration coûteuse l’empêchant de former une alliance avec la Chine contre l’hégémonie mondiale des USA.
Actes de violence
Il est relativement simple de comprendre ce que Badenoch ou Johnson veulent dire lorsqu’ils parlent de « guerre par procuration » en Ukraine. Mais en quoi le meurtre de masse des civils palestiniens exécutés sous des tapis de bombes et la famine artificielle est-il également une « guerre par procuration » au profit du Royaume Uni et de l’Occident, comme le soutient Badenoch ?
Il n’est pas inutile de noter que Badenoch propose deux raisons – assez incompatibles entre elles – qui justifieraient la ‘guerre’ d’Israël à Gaza.
Au début de son interview, elle affirme qu’ « Israël mène une guerre pour récupérer les 58 otages qui n’ont pas encore été libérés. Il n’y a pas d’autres raisons… Nous devons nous positionner clairement du côté qui va éradiquer le Hamas ». Mais on ne voit pas en quoi ‘l’éradication du Hamas’ cadre avec les objectifs britanniques en politique étrangère. Après tout, malgré qu’il soit classé comme organisation terroriste au Royaume Uni, le Hamas n’a jamais attaqué ce pays ni évoqué d’intention dans ce sens, et il est assez improbable qu’il soit jamais en position de le faire.
En réalité, il est plus probable que la destruction de Gaza par Israël, avec le concours évident de l’Occident, conduira un certain nombre de têtes brûlées à se radicaliser et à poser des actions violentes malavisées presqu’impossibles à prévoir ou à prévenir, tels que l’acte terroriste de ce tireur états-unien qui a récemment abattu deux employés de l’ambassade israélienne à Washington. Cela pourrait être une raison suffisante de conclure que le Royaume Uni ferait mieux de se distancier d’un soutien trop voyant aux actions d’Israël plutôt que d’apparaître comme un fidèle soutien de Tel Aviv.
Mais, poussée par Phillips à préciser sa position, Badenoch a changé de trajectoire. En fin de compte, ce n’est pas seulement à cause des otages, a-t-elle indiqué en posant la question « qui finance le Hamas ? L’Iran, un ennemi de notre pays ». Empêtrée dans sa propre logique, elle n’avait plus qu’à se raccrocher aux ficelles des néoconservateurs et qualifier la guerre de Gaza de « guerre par procuration ».
‘Contrefort’ de la vérité
Du côté de la Jewish Chronicle, la confession de Badenoch n’est pas passée inaperçue. Son interview sur Sky a poussé Stephen Pollard (l’ex-rédacteur en chef de la JC) à écrire que « Badenoch se positionne en renfort de la vérité. Elle la dit telle quelle, même si ça ne la rend pas très populaire ». La vérité ‘renforcée’ de Badenoch, c’est qu’Israël est aussi essentiel aux pouvoirs occidentaux pour le contrôle du Moyen Orient et de ses ressources pétrolières qu’il l’était il y a une centaine d’années, quand le Royaume Uni a décidé de faire de la Palestine un « foyer national juif » qui remplacerait la population palestinienne autochtone.
Ce que Badenoch nous dit, en réalité, c’est que ce qui intéresse le Royaume Uni dans la guerre que mène Israël à Gaza, ce n’est ni ‘l’éradication du Hamas’ ni la ‘libération des otages’ enlevés le 7 octobre 2023. Ce qui l’intéresse, c’est d’armer Israël pour pouvoir affaiblir ceux qui, comme l’Iran et ses alliés régionaux, refusent de se soumettre à la domination occidentale au Moyen Orient. Ou qui, comme les Palestiniens, refusent d’être dépossédés de leurs biens et effacés de l’histoire.
Pour Londres, armer Israël pour affaiblir l’Iran n’est pas différent d’armer l’Ukraine pour fragiliser l’influence de la Russie en Europe Occidentale. Ce qui importe, c’est de confiner les rivaux géostratégiques de l’Occident ou leurs partenaires potentiels – définis à travers le prisme occidental de la « domination globale tous azimuts » – aussi efficacement que Israël a pu enfermer les Palestiniens dans ses prisons et ses camps de concentration à Gaza et en Cisjordanie. L’objectif est de parer à tout danger qu’un jour la Russie, la Chine, l’Iran et les autres puissent un jour unir leurs forces pour bouter les USA et leurs alliés hors de leurs forteresses aux quatre coins du monde. Les alliances telles que les BRICS sont perçues comme un moyen potentiel pour cet assaut à venir contre la domination occidentale.
Malgré leur rhétorique, les capitales occidentales ne font pas face à des menaces militaires ou ‘civilisationnelles’. Pas plus qu’à la menace d’être envahis ou conquis par leurs ‘ennemis’. En réalité, leurs actions irresponsables et dangereuses en Ukraine, par exemple, constituent une menace bien plus réelle, par exemple à travers le possible déclenchement d’un cataclysme nucléaire. En réalité, la politique étrangère occidentale est foncièrement déterminée par le besoin existentiel de conserver leur suprématie économique mondiale. Et la seule stratégie qu’ils aient identifiée pour cela c’est de terroriser les autres états au moyen de la supériorité de leur puissance militaire.
Cette peur de perdre leur hégémonie n’a rien de nouveau. Et elle est partagée par les principaux partis. Au sein des élites occidentales, les divergences éventuelles ne tournent pas autour de la question de savoir si l’Occident doit ou ne doit pas affirmer sa « domination globale tous azimuts » à travers des états-clients comme l’Ukraine ou Israël. Les lignes de désaccord entre les factions sont plutôt tracées autour de la question de savoir quels éléments soutenir au sein de ces états-clients.
Politique de voyous
Les actions de l’Occident sont plus idéologiques que rationnelles et elles ne sont certainement pas morales. La défense obsessionnelle et autodestructrice du génocide qu’Israël conduit à Gaza, pour être plus grossière, n’est en rien différente de sa politique tout autant auto-destructrice en Ukraine. L’Occident a perdu la bataille contre la Russie, mais refuse d’en tirer les leçons et de s’adapter. Et – en soutenant à bout de bras une occupation militaire israélienne galvanisée par l’imposition d’une famine destinée à éliminer des millions de personnes ou à les nettoyer ethniquement en les envoyant en Égypte – il a perdu le peu de légitimité morale qui lui restait.
Mais Netanyahu s’est révélé plus dur à vendre à l’opinion publique que Zelensky relooké en héros militaire courageux et sympathique. Le soutien à Kyiv pouvait passer pour la défense de ‘nos valeurs’ dans un ‘choc des civilisations’ avec une Russie barbare. Le soutien à Israël, lui, n’a pu que mettre en exergue l’hypocrisie de l’Occident, son goût du pouvoir pour servir ses intérêts et ses instincts psychopathes. L’appui au génocide conduit par Israël a retiré à l’Occident toute possibilité de prétendre à une supériorité morale, sauf peut-être pour ses dévots les plus aveuglés. Dévots parmi lesquels se placent malheureusement la plus grande partie des élites politico-médiatiques occidentales, dont la raison d’être est de maintenir l’adhésion des croyants à un système qu’ils dirigent et veulent faire passer pour le modèle suprême de l’histoire de l’humanité.
Certains, comme Starmer, tentent de modérer leur rhétorique dans une ultime tentative de sauver ce qui reste de ce système en pleine faillite morale qui les a portés au pouvoir. Badenoch, elle, est encore tellement prisonnière du culte de la suprématie occidentale qu’elle n’entrevoit même pas en quoi ses diatribes apparaissent grotesques à tous ceux que la foi dans le système a fini d’abuser. Plutôt que prendre ses distances par rapport aux atrocités d’Israël, elle se sent fière de s’exhiber – et de placer le Royaume Uni avec elle – au centre des massacres.
Mais le public a arraché ses œillères. Le temps est venu de demander des comptes à nos dirigeants. Des comptes précis.
Jonathan Cook
[1] NdT : On pense ici à la Lybie
[2] NdT : 3 ans après les accords d’Istanbul, en mars/avril 2022 qui ont été mis à la poubelle après l’intervention de Boris Johnson. En réalité, les conditions de la Fédération de Russie n’ont pas changé dramatiquement. En avril 22 comme aujourd’hui, elles sont essentiellement centrées sur la sécurité de la Fédération de Russie : interdiction faite à l’Ukraine d’adhérer à une alliance militaire extérieure ou d’héberger des bases militaires étrangères. En second vient la ‘dénazification’, liée à la protection des populations russophones (la majorité avant la guerre). Ce qui a changé c’est l’extension des territoires que la Fédération de Russie veut absorber : en 2022 il s’agissait seulement de la Crimée et la question restait en réalité en suspens. Aujourd’hui, c’est les 4 régions de Luhansk, Donetsk, Zaporozhie et Crimée.
Ce qui pourrait avoir changé, c’est l’inclusion dans les discussions directes avec les Etats-Unis (réclamées pendant des années par la partie Russe avant 2022) d’autres pays tels que la Moldavie et la Géorgie, que l’OTAN ne devrait plus chercher à intégrer.
« Commencer mon rôle en tant qu’administrateur WordPress a été un plaisir, grâce à son interface intuitive, sa gestion des médias, sa sécurité et son intégration des extensions, rendant la création de sites Web un jeu d’enfant. »
– Keiko, Londres
« Commencer mon rôle en tant qu’administrateur WordPress a été un plaisir, grâce à son interface intuitive, sa gestion des médias, sa sécurité et son intégration des extensions, rendant la création de sites Web un jeu d’enfant. »
– Sarah, New York
« Commencer mon rôle en tant qu’administrateur WordPress a été un plaisir, grâce à son interface intuitive, sa gestion des médias, sa sécurité et son intégration des extensions, rendant la création de sites Web un jeu d’enfant. »
– Olivia, Paris